حسن بخيت يكتب : إنه الموت .. الحقيقة الغائبة الحاضرة
حسن بخيت المصريين بالخارجانه الموت الذى لا يفرق بين أحد من الخلائق ، وقد اسماه الله عز وجل في كتابه ووصفه بالمصيبة .. نعم يارب ، وأى مصيبة أشد من الموت لشدته وصعوبة وقعه على النفس ، وخاصة لو كانت المصيبة في الولد أو الحبيب ، وقد لا تكون المصيبة لمن رحل عن دنيانا - لأنه رحل من هموم الدنيا ومنغصات الحياة ، ترك قساة القلوب الى رب رحيم كريم ، وانتهى أمره في الدنيا ، أما المصيبة الباقية والمؤلمة لأهله وأحبابه وأصحابه ،، يقول الله تعالى " فأصابتكم مصيبة الموت "
وكثيرًا ما تمر على الإنسان لحظات يشعر فيها أن هذه الدنيا لا تساوي شيئًا، ربما بسبب موقف ما، أو حدث غير مجرى تفكيره وحياته ، فيجعله يكتشفها على حقيقتها التي كان يتجاهلها، ليزداد يقينًا بأنها لا تستحق كل ما يفعله من أجلها !
فكل إنسان بعد وصوله إلى مراحل الوعي الأولى ـ يعرف ويدرك تلك الحقيقة، لأن الموت يقين لا شك فيه، ولا فرار منه.. فالموت ناموس الطبيعة الذي يتحقق أجلًا أو عاجلًا، ولابد منه في آخر المطاف ، لأنه حتما على جميع العباد من الإنس والجن ، الصالح والطالح ؛ الكبير والشاب والصغير ،؛ جميع الحيوان ، القوي منها والضعيف ،، فلا مفر لأحد منه ، ولا أمان لمخلوق عنه
" كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون "
وأكثر ما يجزع الأهل والأصدقاء، أن الموت يأتي فجأة، من دون وداع.. ورغم هذا اليقين الراسخ بأن الموت هو نهاية رحلة الحياة القصيرة ، إلا أن ما يجعله مزعجًا ، هو تسلله خلسة ليختطف منَّا أعزاءنا واحدًا بعد الآخر، من دون إنذار مسبق.
فما بين الموت والحياة لحظة مهما طالت لنا او قصرت فانها منتهية لامحالة ( احبب من شئت فانك مفارق و عش ما شئت فانك ميت ) ، هكذا اخبرنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فما بين الحياة والموت نفس يتردد وقلب يتحرك .
ما بين الحياة والموت دنيا الانسان وعمره يفنيه ما بين خير وشر ، ما بين حسنات وسيئات ، يربح فيها من غلبت حسناته على سيئاته ، ويخسر فيها من ثقلت سيئاته على حسناته ، لأن الموت يأتي مقتحمًا، لينهي كل شيء، سواء أكنا مستعدين له، أم غافلين عنه ..
ولعل الجميع تابع فاجعة ( إتوبيس جامعة الجلالة ) التي وقعت مساء أمس الإثنين ؛ وراح ضحيتها أكثر من عشر طلاب من كليات الطب وأصيب العشرات ؛؛ فقد كانوا قبل وقوع الحادث بدقائق داخل اسوار الجامعة يخططون لمستقبل مليء بالأحلام والأمل ، يملىء قلوبهم الفرح والأمل بإرتداء ( البالطو الأبيض ) وينتظرون لحظة تخرجهم هم واولياء أمورهم بفارغ الصبر ليقودوا مسيرة العطاء وعلاج المرضى ؛ والدعاء لهم بالبركة والعلم ؛ وبعد ساعات بدلا من الذهاب إلى قاعات الدروس والعلم في اليوم التالي ؛ ذهبوا إلى قبورهم وأصبحوا هم من يحتاجون الدعاء
تعددت الأسباب والموت واحد ، فليست القضية أن نموت ، فالموت حق على الجميع ، ولكن القضية كيف نموت ، ومتى نموت ، وأين نموت .
خالص تعازينا القلبية من أبناء الجالية المصرية في صلالة بسلطنة عمان إلى اهالي واسر الضحايا ؛ سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الشهداء بواسع الرحمة والمغفرة وأن يلهم أسرهم وأصدقائهم ومحبيهم الصبر والسلوان ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين