×
18 شوال 1445
27 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

مذكرات مهاجر مجهول (19)

المصريين بالخارج

اشرف علي يعقوب

و في صباح احد الايام بينما كنت امر في ميدان كاتدرائية الدوومو في ميلانو في طريقي للمستشفى استدعت انتباهي جريدة ريبوبليكا الايطالية و التي كان مكتوب في صفحتها الاولى و بخط عريض "يالها من حكومة من مصر". مصر؟ اشتريت الجريدة في لهفة و قرأت المقال الذي كان تحت هذا العنوان الكبير فلم اجد كلمة واحدة فيه عن مصر.

فتحت الجريدة و تصفحتها صفحة صفحة فلم اجد أي شئ عن مصر.

و في المستشفى سألت صديقي البرتو عن معنى هذا العنوان الكبير "يالها من حكومة من مصر" فقال لي أن هذا العنوان لا علاقة له بمصر ، و انما يتكلم عن الحكومة الايطالية و يسخر منها. فقلت له ما دخل مصر في تعليق ناقد للحكومة الايطالية ؟ قال لي ان التعبير اللغوي الايطالي "من مصر" يشير الى ان ما نتحدث عنه هو شئ "عجيب و غريب او غير حقيقي او فوضوي". فمثلا إذًا قيل "يا لها من مباراة من مصر"، معناها انها مبارة غريبة و فوضوية و سيئة. هذا في ادبيات اللغة الايطالية و لعل هذا يأتي من اعتقاد الايطاليين أن مصر هي بلد العجائب و الغرائب.

و قيل لى هذا التعبير شخصيا من استاذ اشعة في جامعة مدينة "بافيا" ، الذي كان يمتحني في واحد من امتحانات معادلة شهادتي الطبية بالشهادة الايطالية. كان هذا الاستاذ رخم و سخيف جدا و يبدو أنه كان يكره الاجانب. سألني "اين حصلت على بكالوريوس الطب" قلت له في مصر ، فنظر ناحية الحاضرين من اساتذة و طلاب آخرين، و كانت كل الامتحانات الشفوية علنية ، و قال "البكالوريس المشهور من مصر" و هو يضحك ضحكة صفراء. و لكن لم يضحك أحد من الحاضرين فقلت له "من مصر و افتخر". فسألني عدة اسئلة صعبة للغاية و كأنه يريد ان يحرجني و يمسح بي بلاط الجامعة ، و لكن الحمد لله اجبته اجابات صحيحة و مفحمة على كل ما سأل، و عندما انتهيت سمعت تصفيق الحاضرين من الأساتذة و الذين كانوا طبعا قد فهموا كل القصة و لابد انهم يعرفون جيدا سفالة هذا الشخص.

كان لزاما علىّ ان اعادل شهادتي الطبية ، و كان يجب ان يتم ذلك في احدى كليات الطب في ايطاليا ، و لما لم يكن ممكنًا ان اقدم اوراقي لجامعة ميلانو لأني كنت طالب فيها في ذلك الوقت ، فقدمت اوراقي لكلية الطب في جامعة مدينة "بافيا" القريبة من ميلانو.

و هناك، و بعد فحص اوراقي، قرروا ان يختبروني في احد عشر مادة، شفويا و عمليا. كان عدد ضخم من الامتحانات. تقريبا كل المواد السريرية بالاضافة لعلم الامراض، و منها مواد نسيتها تماما مثل العيون و النساء و التوليد و الانف والأذن و الحنجرة. بل و طب الاسنان، لإن في ذلك الوقت لم تكن في ايطاليا كليات طب اسنان منفصلة. كله كان طب بشري و أي طبيب بشري كان في امكانه ان يعمل كطبيب اسنان. انا كان في امكاني في الحقيقة ان اكون طبيب أسنان.

لقد نسيت هذه المواد لأني كنت درست تخصص الباطنة و القلب، و لم امارس أبداً هذه الفروع الطبية. و كانت دراسة هذه المواد عذاب بالنسبة لي خاصة ان كان عليا دراستها بالايطالية، و تخيلوا أن كتاب علم الامراض لوحده كان ٣٠٠٠ صفحة من الحجم الكبير. و لكن دراسة الطب باللغة الايطالية كانت هي متعة في حد ذاتها لأن معظم المصطلحات الطبية اصلها لاتينية و هي اللغة الام للإيطالية و قريبة منها. لكني درست الطب باللغة الانجليزية و متعود عليها فوجدت صعوبة كبيرة في دراسة الطب مرة اخرى بلغة مختلفة.

ما علينا، في النهاية اديت نصف هذه الامتحانات في بافيا ثم اتممت الباقي في كلية طب مدينة "بادوفا"، و هي اول كلية طب بالمعنى الحديث في اوروبا، حيث تخرجت منها ، للمرة الثانية في نوفمبر ١٩٩٣. و هكذا تخرجت في الطب مرتين.

و كان حفل تخرج دفعتنا جماعيا في حضور عميد و اساتذة الكلية و هم يلبسون الملابس التاريخية المزينة بالفرو و بالنقوش الذهبية، و في قاعة رائعة الجمال من العصور الوسطى تذخر بالتحف و اللوحات الثمينة القيمة فنيا و تاريخيا.

و عندما جاء دوري قدمت الرسالة التي حضّرتها للتخرج امام الجميع. و هذا هو الفرق بيننا ففي مصر لا نحضّر رسالة للتخرج في البكالوريوس بينما في ايطاليا يلزم تحضير رسالة حتى على مستوى التخرج. و استلمت شهادة تخرجي من يدي عميد الكلية شخصيا. و من العادة ان يحضر هذه المراسم جمع كبير من عائلة و اصدقاء المتخرج اللذين لا يبرحون ان يغنوا و يهتفوا و يتمسخرون بالمتخرج في هوجة مرح و فرح صاخبة.

و لكني فقط كان معي في هذا اليوم زوجتي و ابنتي سارة و التي كان عمرها عام واحد.

و لكن الحقيقة المروعة، و التي اكتشفتها بعد ذلك بسنوات، هي ان بين مصر و ايطاليا توجد معاهدة وقعت بين الحكومتين في سنة ١٩٥١ تسمح بتعادل الشهادات الطبية تلقائيًا بين البلدين. يعني لم يكن هناك اي لزمة في إني اعمل امتحانات او غيره. كان يكفي ان اقدم شهادة تخرجي المصرية مترجمة بالايطالية و احصل بعد ايام على شهادة معادلة ايطالية تسمح لي بالعمل طبيباً في ايطاليا. كدت اموت غيظاً عندما عرفت ذلك، و تذكرت مدى العذاب و الزهق و حرقة الدم اللذين عانيتهم في المذاكرة و كذلك القلق في الامتحانات و الفلوس التي صرفتها.

و الادهى من ذلك ان هذه المعادلة عُملت بناءاً على طلب من الحكومة الايطالية للحكومة المملكة المصرية حتى تسمح للأطباء الايطاليين بالعمل في مصر ، و ذلك لأن شهادتهم الايطالية لم تكن معترف بها في مصر.

و تعجبت من تغير الاحوال. هذه المعاهدة على فكرة ما زالت صالحة و معمول بها حتى الآن لمن قد يهمه الامر.

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

السبت 12:52 صـ
18 شوال 1445 هـ 27 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:42
الشروق 05:16
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:30
العشاء 19:53