م اشرف الكرم يكتب ..النقد وتلويث النقد
م اشرف الكرم المصريين بالخارجأعتقد بأن موضوع النقد وحساسيته عند البعض، يحتاج منا جهد كبير كي نفك معضلاته الفكرية في عقول الكثيرين منا، إذ أن هناك خلطٌ كبير بين النقد، والتعدي على الآخرين بالنقد، وكذلك فرقٌ كبير بين رفض النقد ورفض الإساءة.
ولا أدري لماذا لا تولي وزارات الثقافة، التربية والتعليم، التعليم العالي، دور العبادة، وهيئة الإعلام الأهمية اللازمة والواجبة تجاه توضيح مفهوم النقد وما يجب أن يكون عليه، وما الذي يفسد النقد، ولماذا يتحسس البعض من النقد واعتباره إساءة وهجوم، إلى غير ذلك من دراسات، ؟.
وأرى أن المسئولية فيما وصلنا إليه بين الناس اليوم في هذا الموضوع هو مسئولية هذه الجهات كلٌ في موقعه.
وللحقيقة، فإنني لا أستطيع أن أغفل أيضًا مسئولية الأسرة في ذلك، رغم أنني أعلم بأن الوالد والوالدة في أي أسرة لم يتلقيا أي تعليم أو تثقيف ليزيد وعي الزوجين بما يجعلهما مؤهلَين لنقل ذلك إلى الأبناء، إلا أن المسئولية الفردية تحتم على الوالدين أن يتعرفا على كل ما يجب أن يقدماه من تربية للأبناء.
أما عن هذه المعضله التي يمثلها النقد، فهي ببساطه ذات جناحين الأول يتمثل في ماهية النقد وكيفية تقديمه، والثاني في كيفية قبوله،
حيث تم تلويث الجناح الأول تمامًا، حين سمحنا بخلط الاتهام والسخرية والإساءة وغيرها بالنقد، وتقديمها على أن هذا هو النقد، فترسخ عند الكثيرين أن النقد معناه الإساءة والاستهزاء والتعدي، بل وأصبح النقد في غالبيته أداة للجلد والتشهير، وكثيرًا ما أصبح أكاذيب يتم اتهام الآخرين بها، ومن كل هذا صار النقد شيئا قبيحًا ملوثًا.
وأما الجناح الآخر فهو نتيجة تابعه ومنطقيه للجناح الأول، حيث أصبح النقد أمرًا مرفوضًا في التعامل بين الناس، وبالتالي أصبح أداة جلدٍ كريهة أيًا كان موضوعه أو شكله، لتنشأ حساسيةً مفرطةً ضد النقد والناقد، وأصبح الناقد المحب الودود والصدوق ذو الصياغة الخلوقة مفتقدًا، وأيضًا مرفوضًا عند المنتَقَد، حيث الصورة الذهنية الملوثة عن النقد في عمومه.
وأخيرًا، علينا الاجتهاد كثيرًا في هذا المضمار، سواءًا في باب تنقية النقد مما يفعله بعض المسيئين اليوم من إساءات يلوثونه بها، أو في باب قبول النقد من الناقدين الذين ليس لهم أهداف إلا صالح الموضوع الذي يطرحون.