قضايا الوطن بين أصحاب الفكر الحر وأصحاب الفكر المبرمج ..بقلم د. محمد حجازى
د.محمد حجازي المصريين بالخارجفي الوقت الذي يقتضي رقي الفكر ورقي الأسلوب ورقي الطرح في القضايا الوطنية ذات الأولوية القصوي ، نصطدم باصحاب الفكر المبرمج والمسير وفقا للهوي والميل والمصلحة الشخصية .
هناك فرق بين ان تناقش فكر حر وفكر مسير ومبرمج ... أما الفكر الحر فهو ذلك الفكر الذي عندما تناقشه يشعرك صاحبه بأنه يفهم ما يقول ويدرك ما ينطق به .
الفكر الحر يقبل الراي الاخر ولا يتعادي مع صاحب الراي الاخر والعكس صحيح
إن فهم الأمور وادراكها نعمة عظيمة يفتقدها الكثير من البشر .. فنعمة الفهم تجعلك ترى الأمور والمجريات بوضوح وبعيداً عن التضليل والتطبيل والتهويل .. نعمة الفهم لا تجدها الا في العقول الحرة ..
إن ثقافة الانتقاد علم من علوم السياسة لايدركها سوي أصحاب الفكر الحر .
وهنا يحضرني قول جان بول سارتر
( سيقولون عنك إنسان عاقل وصالح..فقط عندما لا تنتقد ما يعتقدون..عندما تكون نسخة منهم..الناس لا تتصالح أبدا مع من يريد أن يكون نفسه..ويملك مصيره بيده..لأنه يهدد ذلك الاستقرار و تلك السكينة التي صنعوها..لطالما كان الانتماء هو مكافأة لمن يتنازل عن حقه في التفكير ) .
.. وأما الفكر المسير والمبرمج فهو ذلك الفكر الذي عندما تناقشه يشعرك صاحبه بأنه حافظ ما يقول ولا يدرك ماينطق به ..
من يستمع للطرح السائد يشفق على حال الوطن … طرح بعيد جداً عن العقلانية والحكمة .. طرح الغرض منه والهدف منه هو شحن النفوس وتغييب العقول للسيطرة على الجمهور وتوجيههم .. جيل سينشأ مغيب ومشحون ..
مشكلتنا المزمنة أن من يتصدرون المشهد ويتحدثون في الشأن العام حافظين ، وليسوا بفاهمين
مشكلة السياسة في وطننا ان الحافظين اكثر من الفاهمين … لذلك يكثر فيها المتسلقين والمتكسبين .
تسطيح الفكر وتغييب العقل يبدأ عندما نجعل الثراء هو الهدف ونجعل التفاهة مصدر للثراء ونجعل من التافهين أثرياء … عندها يندثر الفكر ويغيب العقل وتصبح التفاهة اسلوب حياة ويصبح التافهون قدوة .
عندما تسيطر التفاهة على السلوك وعلى القيم وعلى المبادئ وعلى الفكر … يصبح التافهون هم قدوة المجتمعات … وعندما يصبح التافهون قدوة المجتمعات تنهار تلك المجتمعات.
فكلما ازداد ظهور التافهين في المجتمعات … كلما دبت الفوضى في تلك المجتمعات وانحدرت الأخلاق وساء السلوك …
علي مايبدو فإن التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم في هذه الأيام … ذلك أن التافهين أمسكوا بكل شيء … بكل تفاهتهم وفسادهم … فعند غياب القيم والمبادئ الراقية… يطفو الفساد المبرمج ذوقاً وأخلاقاً وقيماً …إنه زمن الصعاليك الهابط ..
اعود فأقول ، نحن بحاجة ماسة لرقي الفكر ورقي الأسلوب ورقي الطرح عند التصدي للقضايا الوطنية .