في السياحة المصرية

بقلم : بهجت العبيدي

كاتب ومفكر مصري مقيم بالنمسا 

إنه من نافلة القول أن مصر تمتلك كل مقومات الدولة السياحية، وأن أنواع السياحة المتوفرة في مصر لا يمكن أن يضاهيها ما يتواجد في العديد من الدول السياحية والتي تتربع على عرش السياحة في العالم ، حيث أن المقاصد السياحية المختلفة في مصر غير متوفرة في العديد من الدول التي تجتذب عدد سياح هو أضعاف مضاعفة لمن يقصدون مصر.

ولقد عانت مصر معاناة كبيرة في الفترة التي أعقبت أحداث الخامس والعشرين من يناير بالعام ٢٠١١ تلك المعاناة التي كانت أكثر قسوة من الفترة التي تلت غزو العراق للكويت في القرن الماضي وما نتج عنه من حرب استمرت حتى تحرير الكويت، تلك الحرب التي امتدت حتى غزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وكان السبب الرئيسي في معاناة قطاع السياحة في الفترتين هو غياب الأمن والأمان في المنطقة كلها حيث أن أهم العوامل التي تجعل السائح يفكر في اختيار دولة معينة لقضاء إجازته بها، هو أن تتمتع هذه الدولة بالأمن والأمان، ثم يأتي بعد ذلك المقاصد السياحية، ومن بعدها العروض التي تقدمها هذه الدولة لإغراء السياح لزيارتها. 

إن هذا العامل الأول والأهم وهو عامل الأمن والأمان بذلت فيه مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي جهدًا كبيرًا، حققت من خلاله المؤسسة الأمنية المصرية متمثلة في جيش مصر العظيم حامي الوطن والشرطة المصرية الباسلة نجاحا كبيرا بسطت من خلاله الأمن والأمان في كل ربوع البلاد ، ونتيجة لذلك تعافى قطاع السياحة في مصر، ولكنه لم يصل إلى المرجو منه، ولا إلى ما يتفق وقدرات مصر السياحية الهائلة، والتي لا تقارن بأية مقاصد في أية دولة أخرى، هذا الذي يجعلنا نطالب بأن تصبح السياحة هي المشروع القومي الأول للاقتصاد المصري. 

 إننا بعقد مقارنة بسيطة بين عدد السياح الذين يزورون مصر، وعدد من يزورون دولة صغيرة مثل إسبانيا التي احتلت في العام قبل الماضي عام ٢٠١٧ المركز الثاني بعد فرنسا التي جاءت في المركز الأول لعدد السياح الأجانب بما يقترب من ٩٠ مليون سائح ، حيث حققت أكثر من ٨٢ مليون سائح بلغ عائدهم على الاقتصاد الإسباني ٨٧ مليار يورو، وهو ما يعكس ما تصخه السياحة في شرايين الاقتصاد في مثل تلك الدول المتقدمة سياحيًا، هذه المقارنة إذا علمنا أن مصر لم يبلغ عدد السياح فيها حتى اليوم إلى عشرة ملايين سائح، إنما تعكس كم الجهد الذي نحن في حاجة إليه.

 إننا نظن أن هناك خللًا كبيرًا في تسويق وترويج المنتج السياحي المصري، وهنا نقترح لإصلاح هذا الخلل الاستعانة بأبناء مصر في الخارج والذين يبلغ عددهم أكثر من ١٢ مليون مواطن للترويج للمنتج السياحي المصري، إن الأجيال الجديدة من المصريين هم الأجدر على تحمل هذه المسؤولية، فهم على دراية واسعة بالمجتمعات التي تربوا ونشؤوا فيها، كما أنهم يملكون نفس العقلية ويبرعون في اللغة التي يتحدثونها بنفس إتقان أهلها نتيجة للتعليم الذي تحصلوا عليه من مدارس وجامعات تلك الدول التي ولدوا فيها ويقيمون بها، ومن ثم تكون لديهم القدرة على الإقناع في تسويق المنتج السياحي المصري، الذي يحتل مكانة في نفوس الاجانب الذين يحملون لمصر حبا من نوع خاص.

ولكي نصل بالفكرة إلى المأمول منها من نتائج فإننا نطالب بإقامة دورات تدريبية قصيرة لمن تستعين بهم الدولة المصرية من شباب الخارج في كيفية الترويج للمنتج السياحي المصري. وقبل ذلك دورات في الأمن القومي المصري، نضمن من خلالها فهمًا واسعًا واستعابًا كبيرًا من هؤلاء الشباب لمفهوم الأمن القومي المصري. 

ولعله من المناسب أيضًا أن نذكر هنا رأينا الذي كنا قد أعلناه في أحد برامج القناة الفضائية المصرية التي استصافتنا على الهواء مباشرة للحديث عن السياحة المصرية وطالبنا بضرورة تدريس السياحة وأهميتها في المدارس في المراحل التعليمية الأولى، ليتم غرس هذه الأهمية في نفوس الأجيال الجديدة، ذلك الذي سيعود بنفع كبير، حينما يدرك المواطن أهمية المحافظة على الأماكن السياحية من ناحية، وضرورة السلوك الراقي مع السائح من ناحية ثانية، والظهور بالمظهر اللائق أمام ضيوف مصر من ناحية ثالثة، حيث أن السائح نفسه يظل هو المروِّج الأول للبلد الذي يزوره، هذا الترويج الذي يحتاج إلى أموال طائلة للقيام به، ويمكن أن تذهب هذه الأموال سُدى إذا لم يكن الشعب مؤهلًا للتعامل مع قطاع السياحة وفي القلب منها السائح الذي هو المستهدف لقضاء عطلته في مصر.