”“عيد العمال”“ بقلم المستشار خالد السيد
المستشار خالد السيد المصريين بالخارجتقديراً من المجتمع الدولي لجهود العامل بمختلف القطاعات الإنتاجية تقرر عالمياً تنصيب الأول من مايو عيداً للاحتفال بالعامل تكريماً له واعترافاً بفضل عطائهم وجهدهم . ويأتي ذلك اليوم تخليداً لذكرى مطالبة العمال بثمان ساعات عمل، ثمان ساعات نوم، ثمان ساعات فراغ للراحة والاستمتاع" فاستحق ذلك الجندي الذي يحمل سلاحه فيما أوتي من فكر وجهد وقوة وايمان بقيمة عمله وتفانيه في اتقانه من أجل إنتاج سلعةٍ، أو تقديم خدمةٍ، أن يلقى حفاوة عالمية باعتباره عنصر رئيسي من عناصر الإنتاج، وكلما تطوّر الإنتاج زاد ازدهار الدولة وتقدمها،
وقد سبق الاسلام كل ذلك وأقر منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام واعترف بحقوقه لأول مرة في تاريخ العمل وأعز العامل ورعاه وكرمه ، بعد أن كان العمل في بعض الشرائع القديمة معناه الرق والتبعية ، وفي البعض الآخر معناه المذلة والهوان .فقد قرر الإسلام للعمال حقوقهم الطبيعية – كمواطنين – من أفراد المجتمع ، كما جاء بكثير من المبادئ لضمان حقوقهم – كعمال – قاصداً بذلك إقامة العدالة الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة لهم ولأسرهم في حياتهم وبعد مماتهم .كما دعا الإسلام أصحاب الأعمال إلى معاملة العامل معاملة إنسانية كريمة ، وإلى الشفقة عليه والبر به وعدم تكليفه ما لا يطيق من الأعمال وضمان حقه في الأجر . وحث الدين الإسلامي على العمل وجعله بمنزلة العبادة، إذ يؤجر العامل المخلص بعمله والأمين عليه، فقال تعالى بكتابه العزيز: "هو الذي جعل لكم الأرض ذَلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" صدق الله العظيم، فهذه دعوةٌ للمسلم للعمل وتحصيل رزقه بتعبه وجهده.
وقد بين الإسلام أهمية العمل وأظهر بأنه وسيلة لا غنى عنها لتحقيق التطور الإنساني، وأساس مهم لدعم النظام الاقتصادي والاجتماعي ومنع المشاكل والنزاعات بين البشر، من خلال القيام بالأعمال المشرعة، والإخلاص بأدائها على أكمل وجه حتى يتحقق الإنتاج. وقد اهتم الإسلام بشكل كبير بحث الإنسان على العمل ، وأعلى من شأن العمل بأن جعله عبادة من العبادات التي تقرب العبد لربه ،
وما يشهده المجتمع المصري حالياً بفضل أيادي عماله الذين أفنوا وقتهم وجهدهم من أجل بناء الوطن ورفعته فعمال مصر عماد اقتصادها ووقودها نحو التقدم واللحاق بمصاف الدول المتقدمة أفنوا حياتهم فيما مضى فأبدعوا في صنع حضارة تتحاكى بها الأمم وهم أمل مصر في حاضرها ومستقبلها وهو ما انتبهت اليه حكومتنا الرشيدة وسعت الى الحفاظ على حقوق العامل وتوفير حياة كريمة له ولأسرته .
وتسعى حكومتنا جاهدة الى توفير الكثير من مستلزمات دعم العمال، وتحقيق الأمن الوظيفي لهم من خلال المؤسسات التي ترعاهم، وتحفظ لهم حقوقهم، كما توجد للعمال نقابات تمثلهم للقيام على شئونهم وحماية حقوق العامل والمشاركة مع المؤسسات التشريعية الأخرى للوقوف على التشريعات والقوانين التي تخصّ العمال. كما شرعت الحكومة مراكز التدريب والتطوير من أجل رفع مستوى المعرفة عند العامل، وزيادة مهاراته بمختلف أنواع المهن والأعمال، فالعامل المتعلّم المدرَّب جيداً يساهم في الإنتاج بنسبة أكبر، فيمارس عمله بعلمٍ به الأمر الذي يجعل إنتاجه أكثر جودةً، وبأقل التكاليف خاصة وأن باب التنافس بين الشركات والمؤسسات المنتجة للسلع يستوجب تطوير مهارات العمال، وزيادة معرفتهم بواجباتهم، وحقوقهم.
إنّ هذا العامل الذي يكدّ ويتعب طيلة العام بهدف كسب رزقه يستحق منا كل تقديرٍ واحترامٍ، فمن واجبنا أن نقدّر جهده ونحتفل به ونشجعه على بذل المزيد من الجهد لنرتقي باقتصاد بلدنا، فالعامل عنصرٌ مهمٌ في سلسلة حلقات الإنتاج، وتشجيعنا له وتقديرنا لعمله يعطيه الثقة بنفسه وبعمله أكثر ويحثّه على بذل المزيد من جهده. فكلما تحققت حياة كريمة للعامل زاد نشاطه وحبه لعمله، فرقيّ الدولة يتم من خلال احترام وتقدير جهود عمالها، فبارك الله بكل جهدِ مخلصٍ أمين، يساهم في بناء بلده بإخلاصٍ وحبٍ