سد النهضة ومائة أخرى بقلم: رائد حميده
المصريين بالخارج
صرحت إثيوبيا بأنها ماضية في استكمال الملء الثاني للسد، وأن على مصر البحث عن مصدر آخر للحصول على الماء غير النيل، وفي سياق استهجان مصر لمثل هذه التصريحات وتأكيدًا على أن النيل خط أحمر؛ جاءت تصريحات آبي أحمد: بأن الإثيوبيين لن يموتوا من الخوف ولكنهم سيموتون على أرض الميادين والمعارك، وأن إثيوبيا في طريقها لبناء مائة سد خلال العام القادم.
إثيوبيا التي كانت لا تستطيع أن تفتح فمها لتتثاءب إلا بعد أخذ الإذن من مصر تتحدى اليوم مائة وخمسين مليون إنسان يعيشون في مصر والسودان، وتأبَّه على القانون الدولي، وتزعم أنها وحدها من تمنح وتمنع وتأذن وتحظر، وترتب أوراقها لتتسيَّد النيل! إثيوبيا التي استبدلت اسمها بالحبشة إبَّان الحرب العالمية الثانية تتحدى مصر التي عرفتها الدنيا قبل أن يُكتبَ سطرٌ في كتاب التاريخ!
إن إثيوبيا - بما تفعله - تُسِنُّ للقوم سنة غير حسنة ستجعل دول المنبع تتحكم في دول المصب، وإن لم تجد من يأخذ على يدها فسوف يصبح عنوان المرحلة القادمة قول زهير بن أبي سلمى:
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه: يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم.
ولا عزاء لمن يتكئون على غير السيف في الذود عن حمى تركه الأجداد منيعًا حتى أنهم تركوا نقوشًا على جدران المعابد القديمة يوصون فيها بالنيل خيرًا، وبعدم التهاون مع من يمنع جريانه.
نحن - المصريين - أمام مشكلة حقيقة؛ لأن نقص الماء عن مصر سيعرِّض أرضها للبوار، ويجعل السد العالي يتوقف عن إنتاج الكهرباء مما يعنى رجوع مصر إلى ما قبل عشرات السنين، فنهر النيل عمق إستراتيجي لمصر، ومصر باقية ما بقي النيل، فإن ذهب النيل فلا يتحدث أحد بعد ذلك عن ثقل مصر وقوتها الناعمة وحضارتها الموغلة في القدم؛ لأن كل هذا سيصبح من الماضي، وسيعيا المعربون لو طلبوا له محلًّا على خريطة الإعراب.
فهل سيفضِّل المصريون غير ذات الشوكة ويرددون مع الخوالف: للنيل رب يحميه أم سيرددون مع الفِند الزِّمّاني في هزجه: فبعض الحلم عند الذلة إذعان وفي الشر نجاة كما لا ينجيك إنسان؟ عسى أن تلوح في الأفق بارقة أمل لحل ودي؛ لأن الإثيوبيين لن ينفكوا حتى تأتيهم البينة.