كازاخستان ... الانتخابات البرلمانية وتحديات الطبيعة
احمد طاهر المصريين بالخارجفى جو قارص البرودة... تتساقط الثلوج فى درجة حرارة تحت الصفر بما يزيد عن الثلاثين درجة مئوية، بما يستوجب معه ان يمكث المواطنون فى بيوتهم فى ظل هذه الظروف المناخية التى تتكرر خلال هذه الفترة من العام، فلا يخرجون إلا لعملهم ومصالحهم الضرورية، انتظارا أن يأتى الربيع ليحول هذه الثلوج إلى مياه تعيد الخضرة الى الحياة والحركة إلى الشارع، هذا هو حال الشعب الكازاخى الذى حباه الله بكثير من النعم والثروات والامكانات التى سخرها فى سبيل تحسين حياتهم، وتمكينه من مواجهة هذا التحدى الطبيعى.
ولكن ما يلفت الانتباه أنه رغم شدة البرودة إلا الحياة اليومية للمواطنين لم تتوقف وهذا هو النجاح الاول. ومع تفشى جائحة كوفيد 19 التى فرضت على الجميع فى موجتها الأولى ما لم يفرضه التحدى الطبيعى الاول المتمثل فى المناخ شديد البرودة، فقد توقفت الحياة وتعطلت الحركة.
وبغض النظر عن الاتهامات المتبادلة حول مسئولية انتشار الفيروس، مثلت هذه الجائحة تحديا للجميع، ولم يخفف من تداعياتها إلا مع دخول فصل الصيف وهدوء معدلات الاصابات والوفاة. ولكن مع عودة الموجة الثانية من الفيروس والتى ضربت بدورها مختلف الدول، فقد أصبح الجميع أمام مسارين: إما الاغلاق بخسائره المتراكمة، و إما التعامل برؤية مغايرة مع تداعياته. والخيار الثانى هو الخيار الذى تبنته غالبية دول العالم إلا باستثناءات قليلة.
وكانت جمهورية كازاخستان من انصار الخيار الثانى، إذ استمرت فى استعدادتها لاتمام عرسها الانتخابى فى العاشر من يناير الجارى، لاختيار اعضاء البرلمان (مجلس النواب)، والمجالس المحلية، حيث اتخذت الدولة قرارها بمواجهة هذه التحديات الطبيعية سواء أكانت برودة الجو او سخونة الازمة الصحية، متسلحة فى ذلك بسياستين: الاولى، خبراتها المتراكمة سواء فى التعامل مع المناخ شديد البرودة، او التعامل مع الجائحة التى شهدتها فى موجتها الاولى. الثانية، الاصرار على استكمال الاستحقاقات السياسية الهادفة إلى ترسيخ الدولة المدنية الحديثة بمقوماتها وركائزها المتعددة؛ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ومن هذا المنطلق، وعلى مدار الاسابيع الماضية شهدت الحركة فى الشارع الكازاخى ومؤسسات الدولة نشاطا ملحوظا، مع مراعاة برودة الجو من ناحية، واجراءات التباعد الاحترازية من ناحية أخرى. ومع دخول يوم الصمت الانتخابى فى التاسع من يناير الجارى تمهيدا لبدء عملية الاقتراع فى اليوم التالى، كانت مقار الاحزاب السياسية المشاركة فى الانتخابات خلية نحل لاتمام كافة الاجراءات الواجبة، كما تسابق المرشحون فى استكمال حملاتهم الانتخابية فى جميع انحاء البلاد، لدعوة المواطنين للمشاركة فى هذا الاستحقاق. وقد شارك فى تسجيل هذه التحركات الاخيرة وفود صحفية واعلامية ومراقبون محليون ودوليون تمت دعوتهم للوقوف على تجربة كازاخية فى مواجهة تحديات الطبيعة، وذلك بهدف الاستفادة منها فيما يتعلق بتنظيم مثل هذه الاستحقاقات فى اجواء مشابهة بيئيا وصحيا.
و إن كان من المحتمل ألا تتكرر مثل هذه الحالة بما واجهته من تحديين معا، إذ كثيرا ما يكون ثمة تحدى واحد تتمكن الدولة من التعامل معه بحرفية على غرار ما تم فى تجربة الانتخابات النيابية المصرية (مجلس الشيوخ والنواب) فى ظل تفشى الجائحة، إذ نجحت الدولة المصرية فى إدارتها باحترافية عالية ومهنية متميزة. نهاية القول إن الاستحقاق النيابى فى جمهورية كازاخستان قد اوشك على الانتهاء بعدما نجحت الدولة من إتمام كافة الاستعدادات الواجبة للعملية الانتخابية بالشكل الذى يستحقه الشعب الكازاخى بطل هذه المعركة، إذ تمثل مشاركته الواسع فى هذا الاستحقاق هو النجاح الثانى، فهل سيفوز الشعب الكازاخى فى هذه المعركة؟ هذا السؤال ينتظر اجابته يوم العاشر من يناير الجارى.