العمل العام بين التكامل والتنافر
م.أشرف الكرم المصريين بالخارجمما حبا الله به وطننا الحبيب, رسوخ مفاهيم الخير والعطاء التطوعي للآخرين من أبناء الوطن, بشكل قد لا يكون له مثيل, ليس فقط ممن لديهم أموالًا, بل من كل من لديه يدِ عونٍ يستطيع أن يمدها للغير, من وقتٍ أو جهدٍ أو مشاركةٍ وجدانية, على مستوى الفرد والمجتمع بأكمله, مما يجعلنا في مصر مؤهلين لأن نستفيد من هذه الخصلة التي تتغلغل في فكر كل مصري.
وما أن تحدث أي فاجعةٍ أو نائبة, وما أن تعصف بنا أزمة, إلا ونجد همم الشباب والكبار والصغار من الرجال والنساء تتجمع لتلملم قسوة الأحداث عند المُبتَلى, لتضمد جراحه وتسانده وتساعد.
ونحن نشجع بلاشك, وجود فرق عمل متعددة ومتنوعة تنضوي تحت منظومة الجمعيات المشروعة والمؤسسات الخيرية التي تشرف عليها وزارة التضامن, على أن تتنافس تلك الفرق العاملة بشكل محمود يكون هدفه التعاون فيما بينها تحت مظلة الكيان المؤسسي تنافسًا يؤدي إلى التحفيز والعطاء الأكثر إفادة للناس, بحيث تتطور الأعمال التطوعية العامة خدمةً لكل المجتمع.
لكن الذي ألحظه أحيانًا –وليس كثيرًا- أنه يقع بعض من هؤلاء الأفراد العاملين تطوعيًا في فرق العمل العام بهذه المؤسسات الخيرية, في إشكالية التنافس المأزوم, والتباغض والتناحر على أي خطوات أو اجراءات مما يؤدي بالعمل إلى التنافر, بل ويحدث ذلك أحيانا على مجرد تقديم الأفكار وعلى من له الحق في امتلاكها, بحيث لا يكررها غيرهم, في مقارناتٍ تؤدي إلى جدلية مَن الأفضل ومَن الأجدر, مما يوغِر الصدور.
هنا نحتاج إلى وقفة مع النفس, لإعادة ترتيب اللوحة لتعود إلى جمالها الإبداعي التطوعي, بأن نعلن للجميع, بأن العمل العام التطوعي هو عمل يبذله الإنسان لوجه الله تعالى وليس لاحتكار العمل أو أفكاره, وأن من ثمرة نشر الخير أن يستطيع صاحب الفكرة أن يبدع في غيرها , وأن يصبح الناقل لها أيضا مضيفًا وأحيانًا مجددًا.
وأن روعة وجود التعددية في فرق العمل التي تعمل في هذا المجال, هو أن يمتلك الوطن منها فوائد متنوعة أيضًا في مجالاتٍ شتى, سواءًا بتكرار الأفكار أو بالإبداع فيها تطويرًا وإثمارًا, ويظل على كل من يعمل في تلك المجالات العامة التطوعية أن يعلم بأن عمله هو لوجه الله, ولذلك فعليه أن يساند كل الفرق الأخرى التي تعمل لوجه الله أيضا من المؤسسات المشابهة, التي هي تتكامل معه وليست بالطبع تتنافر.