سد النهضة...حكمة مصر وقوتها في كلمة الرئيس السيسي
علاء سحلول المصريين بالخارجبقلم : بهجت العبيدي ـ كاتب ومفكر مصري مقيم بالنمسا
لم يستخدم الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أن تولى مقاليد الحكم في مصر تلك الأساليب الملتوية التي تميز الساسة، ولم يلجأ إلى تلك الوسائل التي هي ديدن المشتغلين بالسياسة، وتفسيري لذلك أنه ربما لأن الرئيس قد تربى في المؤسسة العسكرية المصرية، التي تعتمد أول ما تعتمد على الوضوح في التناول ووضع أية قضية معروضة لبحث مدقق للوصول إلى الطرائق المختلفة لعلاجها، تلك الطرائق التي يتم ترتيبها ترتيبا تصاعديا، حسب ما يفيد المجتمع المصري، أو ما يحقق الأمن والاستقرار لمصر، أو ما يؤسس لتطور الدولة المصرية تطورا يضعها في مصاف الدول المتقدمة، بمشيئة الله، أو ما يضمن لمصر حفاظا على أمنها القومي، وما يحفظ لمصر مقدراتها وثرواتها وأسباب حياتها.
والمتابع عن كثب وتدقيق لشخصية الرئيس عبد الفتاح السيسي وما يصدر عنه من كلمات يتم اختيارها بدقة هائلة، وتدقيق كبير، وكذلك لما يتخذ من قرارات وما يصدر من تعليمات، يدرك بوضوح شديد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يفي دائما بالوعود التي يقطعها على نفسه، وأنه يأتي على رأس تلك العهود ذلك العهد بالحفاظ على مصر وشعبها، وعدم التفريط في أي من مقدرات هذا الوطن الغالي.
ولعل أكثر ما يميز الأسلوب الذي يتخذه الرئيس يمكن أن يكتشفه المتابع عن كثب وتدقيق هو أنه يعمل على كافة المستويات، وعلى كل الأصعدة وفي خطوط متوازية على حل المشكلات التي تواجه الأمة المصرية، وهو في كل ذلك لا يستبعد أي حل يمكن أن يحافظ على الحقوق المصرية، مقدما دائما الحلول السلمية عما سواها، في ذات الوقت الذي عمل سيادته على أن يصل بالجيش المصري، الذي يمثل القوة التي تحمي تلك الحقوق، إلى مستويات غير مسبوقة جعلته يحتل المركز العاشر بين جيوش العالم. وذلك بإيمان الرئيس أن القوة ما خلقت إلا لتحافظ وترعى، لا لأن تعتدي وتنهب وتسلب، كما هو الشأن مع البلطجة التركية بقيادة خليفة الإرهاب المزعوم رجب طيب أردوغان الذي يعيق فسادا في المنطقة مستخدما الجيش التركي لتحقيق مآرب وأهداف لجماعته الإرهابية: جماعة الإخوان.
إن من بين القضايا الهامة، بل الوجودية، بالنسبة للشعب المصري عبر التاريخ، قضية مياه النيل الذي هو شريان الحياة في مصر، ولذلك فإن الرئيس عبد الفتاح السيسي يوليها الأهمية القصوى، ويؤكد على ثوابت مصر التي لا تتزحزح في هذه القضية، والمبنية على الأسس والقوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية والتاريخية، والتي تؤكد حقوق مصر في مياه النيل، والتي أعلن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارا وتكرارا أن مصر لن تسمح بالتفريط بقطرة مياه واحدة من حصة مصر المعترف بها دوليا، في ذات الوقت الذي يؤكد فيه السيد الرئيس على حق الشقيقة الأفريقية "دولة أثيوبيا" في الاستفادة من مياه النيل في التنمية وإنتاج الكهرباء والطاقة، التي تستلزمها عملية البناء والتنمية.
وإذا أردنا أن نتعرف على حكمة مصر من ناحية قوتها من ناحية ثانية، فما علينا إلا أن نعيد المرة بعد الأخرى الاستماع إلى الكلمة التي ألقاها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة المصغرة لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي عبر الفيديو كونفرانس لمناقشة قضية سد النهضة، وذلك برئاسة الرئيس سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد، التي جاءت واضحة وقوية وحاسمة، وشرحت الرؤية المصرية المبنية على الأسس الدولية المتعارف عليها، والتي حفظت لمصر حقوقها، كما دعمت حق أثيوبيا في الاستفادة من مياه النيل، بشروط واضحة لا لبس فيها، وهي احترام حقوق مصر، وعدم الإنقاص أو الاعتداء على تلك الحقوق.
إن كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة الأفريقية المصغرة إنما، وضعت، حسب رأينا، النقاط على الحروف، وحددت الأطر التي يجب أن تسير عليها المفاوضات، كما عبرت عن رغبة مصر القوية في أن تضمن عدم انفراد طرف بالقرار، ووضع الأطراف الأخرى أمام الأمر الواقع، وهو ما لم ولن تقبله مصر، كما جاء على لسان السيد الرئيس.