×
24 جمادى آخر 1447
14 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

دينا شرف الدين تكتب ”لغة العصر”

المصريين بالخارج

و حيث أن لكل عصر لغته و مفرداتها التي تعكس واقع و درجة رقي و مستوي ثقافة هذا العصر ، إذن فتلك اللغة و ما تحتوي عليه من مفردات هي بمثابة مرآة حقيقية لهذا الواقع.

و شئنا أم أبينا ، قبلنا أو رفضنا الإعتراف بأن اللغة السائدة بهذا الزمن ما هي الا انعكاساً حقيقياً لتراجع الأخلاق التي تحكم المجتمع من خلال مجموعة القيم و العادات و التقاليد التي تشكل بالنهاية سلوك الناس بهذا المجتمع.

فقد سادت بالعقود الأخيرة مفردات لغوية و طريقة أداء غريبة علي الشارع المصري ، و باتت مألوفة متداولة بين الناس و علي رأسهم قطاعات الشباب و المراهقين في مختلف الطبقات الإجتماعية، و التي يغلب عليها الطابع شديد الشعبية ، و الذي لم يقتصر فقط علي طبقات اجتماعية معينة بل تحول الي لغة عامة دارجة علي لسان الجميع بكل مكان ، و كأنه طوفان من البذائة و السوقية المغلفة بإساءة الأدب و الخروج علي القوالب الراقية المهذبة بفجاجة مدهشة.

حتي إنه:
أصبحت هناك فورمات من المفردات و طرق الأداء التي اجتاحت مجتمعات الشباب بجنسيه ، و التي حولت هذا القطاع أو غالبيته إلي نسخة واحدة مشوهة ،علي شاكلة ( قلب اخوك، يا اسطي، يا زميل ، ) و غيرها الكثير.

و بما أن الفنون هي أيضاً مرآة و انعكاساً حقيقياً للمجتمع ، تؤثر فيه و تتأثر به في علاقة تفاعلية ، فقد غلبت تلك المفردات اللغوية أيضاً علي معظم الأعمال الفنية ، من دراما لغناء ، لمزيداً من الترسيخ لهذه المفردات التي اجتاحت المجتمع لتغير شكله و تعبث أيضاً بمضمونه .

لدرجة أن:

هناك من الأطفال و الصبية الذين يسكنون المجمعات السكنية التي من المفترض أنها راقية، يتحدثون بهذه المفردات الغريبة بشكل مخيف ، قد شاهدته مرات ، ليستوقفني و يضعني بحيرة من أمري في محاولات من التفكير في كيفية حل هذه الأزمة التي ضربت أجيالاً لتخرجهم من منظومة الأخلاق المصرية التي كانت مضرب الأمثال .

إذ باتت ضرورة حتمية ، العمل علي إعادة صياغة مصادر تشكيل الوعي التي تحاصر هذه الأجيال بهذا التشوه الأخلاقي ، و التي كما نعلم تنقسم إلي مصادر مباشرة و علي رأسها التعليم و الخطاب الديني،و أخري غير مباشرة علي رأسها الفنون بمختلف أشكالها و يضاف عليها مؤخراً المستجد الأشد تأثيرا و هو السوشيال ميديا.

و بما أن (الفنون )هي أهم موارد الوعي الغير مباشر
فكما نعلم أن الفنون المختلفة بداية من المسرح و الشعر و الأدب و الموسيقي و الغناء و التصوير و العمارة انتهاءً بالسينما كسابع أنواع الفنون و أحدثها إلي جانب الدراما التليفزيونية ، ذات تأثيرات بالوجدان و الوعي شديدة القوة ، وتكمن تلك القوة بعدم مباشرتها .،

إذ أن تذوق الفنون عندما تكون متسقة تتسم بالجمال و قوة المعني و دقة التنفيذ ، و جمال المفردات اللغوية ، سواءً كانت مقطوعة موسيقية أو لوحة تشكيلية أو تصميم معماري أو فيلم سينمائي أو قصيدة شعر أو عرض مسرحي أو مسلسل تليفزيوني ، تصبح له قدرة غير عادية علي اقتحام مشاعر ووجدان هذا المتلقي و التأثير بها تأثيرات متعددة قد تشكل وعياً مختلفاً أو تعمقه و توضحه حيال فكرة أو موضوع ما.

و للفنون المختلفة قدرة سحرية علي ترسيخ و تأصيل قيم أخلاقية و جمالية لتتفوق علي غيرها من مصادر تشكيل الوعي الأخري .

فقد تمكنت الدراما من خلق القدوة المتمثلة بشخص البطل الشعبي و القومي في عدد كبير من الأعمال السينمائية و التليفزيونية ، و الذي يخترق القلوب و يخلق مريدين يؤمنون به و بما يحمله من قيم و سلوكيات ، سواء كانت شخصية هذا البطل تاريخية حقيقية أو محض خيال مؤلف ،

لكن ما أود قوله أن هذا المؤلف لم يكن يخلق بأوراقه ملامح الشخصية التي تقود ملحمته التاريخية أو روايته الإجتماعية دون دراسة جيدة و قصد من وراء قصد أن تحمل هذه الشخصية من الرسائل و القيم ما يصيب قلوب و عقول المتلقين ليرسخ بداخلهم قدوة بعينها بما تحمله تلك القدوة من أخلاقيات و توجهات و سلوكيات لابد و أن تكون حميدة نافعة ، فتؤتي أكلها و تحقق أهدافها و تحدث التأثيرات المطلوبة دون توجيه أو مباشرة ، فتؤثر بوعي أجيال بعينها و تحدد لهم معاييراً أخلاقية تحكم المجتمع بشكل عام لتشكل أطراً للوعي المعياري المبني علي قيم و تقاليد و أعراف يلتزم بها الجميع و من يخرج عليها فقد خرج عن المقبول و المألوف .

و كما نعلم جميعاً أننا بمصر كنا ننفرد بأرقي و أسمي الفنون بمختلف أنواعها و ألوانها ما امتد لعقود طويلة ، قبل أن تضربنا بالعشرون سنة الماضية موجات متتالية من الركاكة و الأعمال التجارية الفارغة من أية قيمة أو محتوي ، ذات اللغة السوقية أو بمعني أدق البيئة و التي تأتي و تذهب لتحدث أثرين لا ثالث لهما ،
*إما أن تمر مرور الفراغ الذي يصيب بالملل ثم يذهب أدراج الرياح و هذا في حالة عدم الضرر،

*و إما أن يحدث تأثيرات سلبية شديدة الخطورة في تشكيل وعي أجيال بعينها تمت محاصرة مداركها ووعيها بكافة أنواع الرداءة .
و غالباً هذا ما حدث بغفلة من الزمن تلك التي صاحبت منحني الهبوط الذي بلغ أدناه بعقدين من الزمان اتسما بالفساد و التدني بكل شئ و علي كافة المستويات،

و ما ان انتبهت الدولة و قيادتها لمدي خطورة الفنون بمختلف ألوانها علي وعي و سلوك الأجيال الحالية التي افتقدت بحق القدوة و معايير الخلق و الجمال ، حتي شنت حملة منظمة متوازية لإعادة إحياء الفنون الراقية التي انتبذت ركناً خفياً لتتواري به ،
و تعيد تشكيل منظومة الإعلام و الدراما باختلاف انواعها لتنقذ ما يمكن إنقاذة و تمحو آثار سنوات من الضلال قد أضلت أجيال قد تلوثت أسماعهم و أبصارهم و باتت قدوتهم البلطجي الشعبي الذي يحمل من القيم السلبية و الموبيقات ما لا يصدقه عقل ، هذا الذي قد حل محل البطل القومي بسنوات التضليل و الضلال .


أخيراً و ليس آخراً :
بانتظار عودة تدريجية نتمني أن تكون سريعة للفنون المصرية الراقية بما ستعود به من قيم أخلاقية و جمالية و إنسانية و مفردات لغوية لتطهر مدارك أجيال قد تلوثت و تغيبت و افتقدت القدوة و الحق و الخير و الجمال و تعيد تشكيل وعيها علي أسس سليمة و تعيد صياغة لغتها بغية الإرتقاء ، أملاً في أن يتخذ المنحني طريقاً جديداً آمناً للصعود .

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأحد 09:44 مـ
24 جمادى آخر 1447 هـ 14 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:10
الشروق 06:43
الظهر 11:50
العصر 14:38
المغرب 16:56
العشاء 18:19