×
25 جمادى آخر 1447
15 ديسمبر 2025
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي
مقالات

د.خاطر الشافعي يكتب ”“عيدُ الفِطرِ جَائزةُ الصَائمِين وتَعزيزُ القِيَم والمبَادِئ والأَخْلاق”“

المصريين بالخارج

وسط جراحاتنا الكثيرة، وأمانينا الثكلى، يأتينا موعدٌ مع الفرحة بالعيد، فالسرور هنا معطياتٌ ونتيجة وبرهان؛ والمعطيات أن نفرح بما شرع لنا الحق سبحانه وتعالى من عبادات، وأمرنا به من طاعات، وما يترتب عليها من الحسنات.



"فليس الفرح التام والسرور الكامل والابتهاج والنعيم وقرة العين وسكون القلب إلا به سبحانه، وما سواه إن أعان على هذا المطلوب فرح به وسُـر به، وإن حجب عنه فهو بالحزن به والوحشة منه واضطراب القلب بحصوله أحق منه بأن يفرح به، فلا فرحة ولا سرور إلا به، أو بما أوصل إليه وأعان على مرضاته‏.‏ وقد أخبر سبحانه أنه لا يحب الفرحين بالدنيا وزينتها، وأمر بالفرح بفضله ورحمته، وهو الإسلام والإيمان والقرآن، كما فسره الصحابة والتابعون"[1].

ومن جمال ورقي ديننا الحنيف، أنه أرسى لدينا قِيَم الحب والخير والجمال والمصالحة مع النفس والغير، وأنه أرشدنا إلي ما فيه السعادة والمشاركة الوجدانية والسمو الأخلاقي، فلا نستشعر سعادتنا كاملةً إلَّا بإهدائنا السعادة إلي إخواننا في الدين في كل مكان على وجه البسيطة؛ فننظر بعين الإحسان إلى المحتاج؛ وإن كنا لا نملك المال فالابتسامة لن تكلفنا شيئًا؛ وقد أخبرنا المعصوم صلى الله عليه وسلم أن ابتسامتنا صدقة، وإدخال السرور علي نفوس إخواننا من أعمال الخير في كل الأوقات، فما بالنا بيوم الجائزة الذي يضع الجميع على ناصية الوحدة الإيمانية؟

ولا ننسى يوم العيد الدعاء لإخوانٍ لنا في الدين أن يفكَّ الله كربهم، ويفتح لهم أبواب الفرج، وأن نُخرج زكاة الفطر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "فرض رسول الله زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"[2].

ما أجمل عيد الفطر وهو يضعنا على الصورة التي ينبغي أن نكون عليها طوال العام، فتكسونا مظاهر الفرح و نحن نذهب لأداء صلاة العيد، ونحن نُكبِّر في نفس الوقت، في مشهدٍ يُظهِر وحدتنا الإيمانية.

ومن تمام النعمة أن يوفقنا الله سبحانه وتعالى في هذا اليوم العظيم إلى رسم البسمة علي وجوه البائسين، ولاسيما اليتامى. فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم : (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ في الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا).[5] وكذلك إدخال السرور على كل الأهل والجيران، فقد قال صلى الله عليه وسلَّم: (خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيرُ الجِيرَانِ عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ) [6].



إنه يوم الفرح العظيم الذي منه ينطلق الأمل الكبير في غدٍ أفضل بإذن الله الكريم، مهما كانت دواعي الحزن والألم، التي تداهم القابضين على دينهم، فلا مجال في شريعتنا لليأس والقنوط. فـ "عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صافَّ المشركين يوم الخندق، قال: وكان يوماً شديداً لم يلقَ المسلمون مثله قط، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، وأبو بكر معه جالس - وذلك زمانَ طَلْعِ النخل - قال: وكانوا يفرحون به إذا رأوه فرحاً شديداً ؛ لأن عيشهم فيه، قال: فرفع أبو بكر رأسه فبصُرَ بطَلْعَةٍ وكانت أول طَلْعة رُئِيت، فقال هكذا بيده: طلعةٌ يا رسول الله (من الفرح)، قال: فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسم وقال: "اللهم لا تنزع منا صالح ما أعطيتنا، أو صالحاً أعطيتنا ".[7] فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا، وما يأتينا به نأخذه، لأنَّ فيه سعادتنا، ونحنُ إنْ لمْ نتأسَّ بنبينا فَبِمَنْ نقتدي؟! وهو من هو.. هو خير البشر أجمعين صلى الله عليه وسلم، فلنتأمل كيف كان تصرفه رغم حصار الأعداء: لم يُعنِّف أبا بكر، بل فرح بفرحه، وهذا درسٌ نبويٌّ بليغ عالج به المُصطَفى صلى الله عليه وسلم نفوس المؤمنين المُرهَقة علاجًا نفسيًّا ناجعًا ؛ فأدخل الفرحة على قلوبهم رغم ما هم فيه من شدة في عيدهم الأول في المدينة في السنة الثانية من الهجرة، فنبتت في أرضهم بذور الأمل وشحذوا عزيمتهم. "فهذا فرحٌ نبويٌّ برزق الله.. يفرحُ النبيّ صلى الله عليه وسلم بظهور طلعةِ نخلٍ، ويتبسَّمُ بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، ويقرُّ أبا بكرٍ على فرحتِهِ، مع أن الأحزاب يحيطون بالمدينة.. لم يقل عليه الصلاة والسلام: مه يا أبا بكر! كيف تفرحُ بنخلةٍ والإسلامُ محاصرٌ، وجيوشُ الكفر على الأبواب؟". [8] فلا ينبغي أبدًا أن يفقد عيدنا بريقه ورونقه، ولتكن مظاهر الفرح به دافعًا للتمسك بكل ما فيه من مبادئَ تُرسي قِيَمَ الحق والخير والحب والجمال والسعادة ظاهرًا وباطنًا.

إنه وقت الفرح بالطاعة، الذي يجب ألا تخالطه معصية، فلا يجب السهر ليلة العيد حتى الصباح، وتضييع صلاة العيد، والنوم طيلة النهار، وتفويت فرصة جمع الحسنات في هذا اليوم السعيد، فـ "اشتر نفسك اليوم، فإن السوقَ قائمة، والثمن موجود، والبضائع رخيصة، وسيأتي على تلك السوق والبضائع يومٌ لا تصل فيه إلى قليل ولا كثير ﴿ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ﴾ [التغابن: 9]، ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ﴾ [الفرقان: 27]"[9].



إنَّ عيدَ الفِطر هو يوم الجائزة للصائمين القانتين، والذي يُعزِّز القِيَم والمبادئ والأخلاق الإسلامية السامية في أبهي صورها، و الذي تُلطِّف فيه نسائم الرحمة والود النفوس المُرهَقة، ويداعب فيه الفرح قلوب المؤمنين.

المصادر:

1- لمسات من العطر في عيد الفطر/ عصام ضاهر.

2- ينابيع الخير في عيد الفطر/ محمد سعيد الشعيرة.



[1] الفوائد المجموعة لابن القيم‏.

[2] رواه أبو داود وابن ماجة بإسناد حسن.

[3] صحيح سنن أبي داود.

[4] الفوائد المجموعة لابن القيم.

[5] رواه البخاري.

[6] رواه الترمذي وقال حديث حسن، وصححه الألباني.

[7] مصنف ابن أبي شيبة.

[8] د/عادل باناعمه (عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى) :كتاب "دعوة للفرح ثورة على مذهب المتنبي".

[9] الفوائد المجموعة لابن القيم.

استطلاع الرأي

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 3,566 شراء 3,589
عيار 22 بيع 3,269 شراء 3,290
عيار 21 بيع 3,120 شراء 3,140
عيار 18 بيع 2,674 شراء 2,691
الاونصة بيع 110,894 شراء 111,605
الجنيه الذهب بيع 24,960 شراء 25,120
الكيلو بيع 3,565,714 شراء 3,588,571
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الإثنين 07:21 صـ
25 جمادى آخر 1447 هـ 15 ديسمبر 2025 م
مصر
الفجر 05:11
الشروق 06:43
الظهر 11:50
العصر 14:38
المغرب 16:57
العشاء 18:20