أميرة البيطار تكتب: الغرور مقبرة العقول
اميرة البيطار المصريين بالخارجالحياة رحلة قصيرة، ونحن البشر نمثل جزءًا صغيرًا من هذا الكون الشاسع. رغم ضعفنا الفطري وقلة حيلتنا، نجد بعض الأشخاص يميلون إلى التهور، غير واعين بحقيقة ضعفهم. تراهم يصرخون ويرفعون أصواتهم، وكأن القوة تكمن في ارتفاع الصوت، متناسين أن الصوت العالي غالبًا ما يكون دليلًا على ضعف الشخصية ونقص الثقة بالنفس. ويأتي منهم من يتخذ أسلوبًا متعاليًا، يَدّعي الحكمة والعلم بكل شيء، متوهمًا أنه "فيلسوف" يعرف الأمور جميعها، غير مدرك أن التواضع هو مفتاح الحكمة.
وهناك من يعتد بنفسه ويصرخ بجملته الشهيرة: "ألا تعرف من أنا؟"، وكأن الإجابة تمنحه قوة إضافية أو تجعله مميزًا في هذا العالم! وفي الواقع، "من أنت" إلا كائن ضعيف، غير مدرك لحقيقة نفسه، ظنًا منه أن الصراخ يزيد من هيبته وقيمته. إن القوة الحقيقية ليست في الصراخ أو الإدعاء، بل في الثقة بالله أولاً، ثم بالنفس عندما يكون الإنسان سويًّا ومستقيمًا.
إنَّ هؤلاء نسوا الله، فأنساهم أنفسهم. كمثال: النملة التي تظن نفسها طائر الرخ، أو الوزغة التي تعتقد أنها أصبحت تمساحًا عظيمًا، أو القطة الضالة التي تتوهم أنها لبؤة شرسة تملك قوة الزئير. هؤلاء نسوا حقيقتهم ووقعوا في فخ الوهم والغرور، ونسوا أن الحياة قصيرة، وأن ما يقدمونه من أعمال سيعود إليهم بالمثل؛ كما تدين تدان.
يظن البعض أنهم خالدون، وأن ما يملكونه من كنوز وأموال سيبقى معهم إلى الأبد، لكن الواقع أن كل ما في الدنيا فانٍ، ولا يرافقنا في القبر سوى أعمالنا. "فاتقوا يومًا تُرجَعون فيه إلى الله".