نحو نظام انتخابي أفضل في الانتخابات التشريعية في مصر
علاء سحلول المصريين بالخارجبقلم : د.محمد حجازي
مع اقتراب إجراء الانتخابات البرلمانية المرتقبة فى مصر ( مجلس النواب ومجلس الشيوخ ) تعالت الأصوات المطالبة باستخدام نظام القائمة النسبية بديلًا لنظام القائمة المغلقة ، ومن يتابع كتابات وأحاديث المطالبين بإجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية يتصور أنها العصا السحرية التى ستقضي على كافة المثالب والعيوب التى يعانى منها النظام الانتخابى فى مصر.
فالقائمة ستقضي على انتخاب المرشح على أساس شخصي وستجعل الانتخاب على أساس البرامج والأفكار وستقضي على ظاهرة نواب الخدمات وستقضي على ظاهرة المال والبلطجة وستتيح الفرصة لتمثيل أكبر للمرأة والأقباط والشباب وذوىي الاحتياجات الخاصة.
وابتداء أود التنويه أننى من المؤيدين، من حيث المبدأ، للقائمة النسبية لمزاياها وإيجابياتها التى تفوق سلبياتها، مقارنة بالنظام الفردي ، وبظام القائمة المغلقة ، فلاشك أنها ستتيح تمثيلًا أكبر للمعارضة وتحقق العدالة بحصول الحزب على مقاعد فى البرلمان بمقدار الأصوات التى يحصل عليها على عكس النظام الفردى الذي تُهْدر فيه الأصوات ، فلو حصل مرشح على 50% زائد واحد يفوز بالمقعد وتهدر باقى الأصوات، إلا أنه رغم مميزات القائمة فإن تطبيقها فى الانتخابات القادمة لن يحقق الكثير من إيجابياتها سواء ملاءمة التوقيت وعدم توافر البيئة السياسية والحزبية المناسبة لتطبيقها.
صعوبات تطبيق القائمة النسبية كنظام انتخابي :
وإذا نظرنا إلى المشكلات التى ستنتج عن تطبيق القائمة بصفة عامة نتيجة طبيعة هذا النظام فسنجد الآتى :
المشكلة الرئيسية الأولى :
إن نظام القائمة يضع نسبة كحد أدنى ، لابد للحزب من اجتيازها لدخول البرلمان ، وتتفاوت هذه النسبة من بلد لآخر ، فالبعض يضع نسبة متدنية تصل فى الكيان الصهيونى إلى 1% فقط والبعض يضع نسبة عالية تصل إلى 10% فى تركيا ، وكانت النسبة فى مصر أثناء تطبيق هذا النظام 8% وينتج عن هذه النسب مشكلتنا ، الأولى تتعلق بعدد الأحزاب الممثلة فى البرلمان وتشكيل الحكومة، خاصة فى النظم البرلمانية، فتدني النسبة قد ينتج عنه دخول عدد كبير من الأحزاب، مما يؤدى لحالة من عدم الاستقرار نتيجة المساومات عند تشكيل الجكومات، وعدم إكمال هذه الحكومات مدتها الدستورية ،أما المشكلة الثانية، فتتعلق بكيفية توزيع النسبة التى حصلت عليها الأحزاب التى لم تستطع اجتياز النسبة المطلوبة، لدخول البرلمان فلو افترضنا أن القائمة مطبقة فى مصر وأن النسبة المطلوبة للحزب لدخول البرلمان 5% وحصلت 4 أو5 أحزاب على أقل من 5% فأين تذهب النسب التى حصلت عليها هذه الأحزاب؟ تذهب لصالح الحزب ذو الأكثرية.
المشكلة الرئيسية الثانية :
إن النظام المُتَبع والشائع أن يتم توزيع هذه النسبة على الأحزاب الفائزة بمقدار النسبة التى حصلت عليها فى الانتخابات ، فعلى سبيل المثال، لو فاز الحزب(أ) بنسبة 40% فى الانتخابات، فسوف يحصل على نفس النسبة من الأصوات التى حصلت عليها الأحزاب التى لم تدخل البرلمان ، والمشكلة هنا أن الحزب الفائز سيحصل على أصوات لم يحصل عليها فعليًا، بل قد تكون حصلت عليها أحزاب معارضة لأفكاره ومبادئه وقد تكون هذه النسبة كبيرة، خاصة فى البلاد التى ترتفع فيها نسبة الحد الأدنى لدخول البرلمان كتركيا.
المشكلة الرئيسية الثالثة :
هي مشكلة ترتيب القوائم ، فبالرغم من أن الأحزاب الديمقراطية العريقة تلجأ إلى التصويت داخل الحزب على ترتيب الأسماء فى القوائم ، إلا أن الواقع قد يكون مختلفًا على الأرض، فقد يحصل المرشح رقم واحد فى القائمة على 10 آلاف صوت، بينما يحصل المرشح رقم 8 فى القائمة على 30 ألف صوت، ومع ذلك يفوز المرشح رقم واحد ويسقط المرشح رقم 8 بالرغم من حصوله فى دائرته على نسبة أعلى من نسبة الفائز.
المشكلة الرئيسية الرابعة:
هي المشكلة الدستورية الخاصة بالمستقلين وكيفية عمل قوائم للمستقلين والتغلب على عقبة ترتيب قوائمهم،فهل يصلح النظام الألمانى المعقد والذي يجمع بين النظامين فى مصر ( 50% بالنظام الفردى ، 50% بنظام القائمة المغلقة؟وهل يمكن تطبيق النظام الذى يعطى الحق للناخب بترتيب القائمة فى ورقة التصويت مع انتشار الأمية فى مصر؟
توصيات:
يفترض لاختيار نظام انتخابي أنسب لمصر لانتخاب مجالسها التشريعية أن يحقق المعايير التالية :
ـ التوافق مع أوضاع مصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ـ تجاوز السلبيات والعيوب المصاحبة لنظام الانتخاب الفردى ونظام القائمة المغلقة.
ـ علينا أن نسبع بأنفسنا وبتجرد وإخلاص النظام الانتخابي المناسب الذي لايستبعد أيًا من التيارات السياسية الفاعلة ولايُمَكِن أيًا منها من الاحتكار وهو شيء ممكن إذا تجردنا وخلصنا.
مما سبق يمكن أن نخلص إلي أحد نظامين يحققان المعايير السابقة :
أولًا : النظام المعمول به في ألمانيا :
وهو يجمع بين النظامين الفردي والقائمة بحيث يحدد لكل منهما خمسين في المائة من المقاعد مما يضعف من إمكانية الطعن في عدم الدستورية كما حدث في حالة القائمة النسبية المشروطة وبما يؤدي إلي نجاح كلا النائبين : النائب الخدمي والنائب الذي لديه القدرة علي التشريع والاهتمام بالقضايا القومية الكلية، أوبمعني آخر النائب المهتم بهموم دائرته الصغيرة وذلك المهتم بهموم مصر كلها.
ثانيًا: نظام القائمة النسبية غير المشروعة :
بأي شرط ( الانتماء الحزبي ـ تحقيق نسبة معينة علي مستوي الجمهورية ـ أن تكون القائمة مقفولة ـ بها كل العدد المطلوب انتخابه للدائرة... إلخ) بما يسمح للمستقلين أن يخوضوا الانتخابات بقائمة أو أكثرخاصة بهم وفقط وبما يسمح لمجموعة من الأحزاب المتقاربة في الرؤى بأن تشارك في قائمة واحدة وبما يسمح بالمشاركة بعدد معين من الدوائر دون الالتزام بالمشاركة في كل دوائر الجمهورية طالما أن نظام الانتخاب لايشترط نسبة معينة علي مستوي الجمهورية.
نعود فنؤكد أن إصلاح النظام الانتخابي وحده لن يكفي طالما لم يتحقق إصلاح النظام السياسي الذي يكفل حياة حرة كريمة وديمقراطية حقيقية كاملة غير منقوصة.