الأخـــوة في الله ..
محسن طاحون المصريين بالخارججاء في القرآن الكريم تأكيد صريح على
مبدأ الأخوة في الله بمعناها الشامل ..
حيث الأخوة ليست فقط في النسب ..
ولكن أخـوة في الديـن والحـرمة، ..
و إذا نظرنا إلى فائدة التحلي بالأخوة في الله نجد أنها
تؤدي إلى التفاف الأفراد حول بعضهم بعض ..
كما تعصمهم من الانزلاق إلى رذيلة ظلم النفس
حيث يسيء البعض لإخوانه .. و لا يعطيهم حقوقهم ..
و قد يغتابهم .. و قد يسعى للوقيعة و الدس بينهم ..
و كل هذا يتنافي مع الأخوة في الله ..
و يصنف فعله تحت أفعال شياطين الإنس ..
فالأخوة منحة إلهية .. ونعمة قدسية ..
يقذفها الله عز وجل في قلوب المخلصين من عباده
والأصفياء من أوليائه .. والأتقياء من خلقه ..
و لو أنفقت ما في الأرض جميعا
ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ..
لذا كانت الأخوة في الله صفة ملازمة للإيمان ..
وخصلة مرافقة للتقوى ..
إذ لا أخوة بدون إيمان ولا إيمان بدون أخوة
و قد ورد في كتاب الله العديدة من الآيات في الأخوة :
قال تعالي :
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
( الحجرات - 10 ).
و قال تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
( الحجرات - 12 ).
و إنّ من الأمور التي تُعدّ من ثمرات هذه الأخوّة
أن يكون كل منا مرآة لأخيه ..
فيكون صادق معه لا منافق له ..
يدله على الخير و يشجعه عليه ..
و يحذره من الشر و لا يعاونه عليه ..
عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم:
"المؤمن مرآة أخيه المؤمن، المؤمن أخو المؤمن حيث لَقِيَه يكُفُّ عنه ضَيْعَتَه ويَحوطه من ورائه"
رواه الطبراني، وخرَّج الترمذي معناه.
فينبغي على من يخاف الله و يتقيه
أن يعامِل الناس بما يجب أن يعامَل هُوَ به، ..
فلا يَذكُرُهم إلا بخير ..
وليكُفَّ لسانه عن ذكر مساوئهم ما أمكن ..
إنها أُخُوَّةٌ تقتَضِي أن يسيرَ كل منا في حياتِه
تجاهَ الآخرين بكل مسلَكٍ كريمٍ وفعلٍ قويمٍ،
قال صلَّ الله عليه وسلم-:
"لا يُؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه".
إنها الأُخُوَّة التي تحمِلُ الصدقَ من القلبِ
في جلبِ المصالِح والمنافِع إلى إخوانك في الله ..
ودرءِ الشُّرور والأذى عنهم ..
وقال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم-:
"المسلمُ من سلِمَ المسلمون من لسانِه ويدِه".
إنها أُخُوَّةٌ تتطلَّبُ التضحيَةَ والفِداء ..
والتعاطُفَ والتراحُم .. واللُّطفَ والرِّفقَ ..
و في ذلك قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم:
"مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم كمثَلِ الجسَد الواحِد، إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسَد بالسهَر والحُمَّى".
و خلاصة القول :
ينبغي على كل منا أن يحرِص على سلامة قلبِه
من الغلِّ لإخوانه في الله ..
مهما اختلفَ معهم في وجهات النَّظر ..
و يتعين عليه أن يحذر من أسباب التفرُّق ..
و تجنب عوامِل الفتن ..
و الحذر من أفعالٍ تُؤدِّي إلى مفاسِد لا تُحصَى ..
وشرورٍ لا تتناهَى ..
و علينا أن نراجع أنفسنا فيما يتعلق بعلاقاتنا مع بعضنا البعض ..
و أن نتقى الله في أنفسنا و في إخواننا ..
و أن نحق الحق .. و نعطي كل ذي حق حقه ..
و أن نتحلى بالتسامح و العفو قدر المستطآع ..
و اعلموا .. إن من الخُذلان وأماراتِ الخُسران:
السعيَ بالإفساد بين إخوانك في الله ..
ونشرَ أسباب العداوة بينهم .. فلا تكن دساساً ..
و لا ساعياً لافساد العلاقات بين إخوانك ..