الكانيون الملون بمدينة بطابا محافظة جنوب سيناء ....شعاب مرجانية تحجرت منذ ملايين السنين
سامح طلعت المصريين بالخارجتقرير سامح طلعت
نكشف في هذا التقرير عن جماليات «الكانيون» الملون بطابا من خلال معلومات موثقة فى دراسة علمية نشرت بكتاب "سيناء أرض العبور" إعداد المرشد السياحى عبد العاطى صلاح تحقيق ومراجعة خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار.
«الكانيون» الملون يقع ضمن محمية طابا التى أعلنت عام 1998 وتقع في المنطقة الجنوبية الغربية لمدينة طابا وتبعد بمسافة 75 كيلو متر عن مدينة نويبع، وتبلغ مساحتها 3590 كيلو متر مربع وتُصنّف بأنها محمية صحاري وتراث طبيعي.
وتعتبر محمية طابا من الأماكن المفضلة لدى السياح بجنوب سيناء، حيث تمتاز بثراء وتنوع الحياة البرية النادرة من نباتات وطيور إلي جانب المناظر الطبيعية البديعة التي تضمها المحمية كينابيع المياه العذبة والعيون، بالإضافة إلى التراث التقليدي للبدو المقيمين، كما تشتهر المحمية بمواقعها الأثرية التي يرجع تاريخها لنحو 5000 سنة حيث تُوجد بها النواميس وهى مساكن ومقابر الإنسان الأول فى سيناء وهي أقدم مباني مسقوفة بالأحجار في العالم.
محمية طابا تتميز بالتكوينات والتركيبات الجيولوجية البديعة من كهوف وممرات جبلية متعددة، مع وجود شبكة من الأودية وتكثر بالمحمية الأخاديد والفوالق والفواصل المتقاطعة بين الصخور والتي تُعرف (بالكانيونات) ويتخلل هذه الأخاديد تلال من الرمال الناعمة تًسمي (بارخانات) ومن أشهر هذه الأخاديد كانيون سلامة وكانيون عراضة والكانيون الأبيض والكانيون الأحمر وغيرها، وجميع هذه الكانيونات تجذب السائحين من محبي رحلات السفاري لما فيها من مناظر طبيعية رائعة وأحيانًا بعض المغامرات مثل النزول من أعلي هذه الأخاديد بالحبال أو عن طريق السلالم.
جماليات وادي بيوتي بطابا وهو واحد من أجمل الأماكن في سيناء خاصة ومصر بل والعالم أجمع يقع الوادي علي نحو 30 كم من مدينة طابا علي الطريق السريع طابا – النفق، وتبدأ الرحلة داخل الوادي بالوقوف في نقطة البانوراما وهي عبارة عن تل صلب من الحجر الرملي والشعاب المرجانية المتحجرة يصل ارتفاعه نحو 1100 متر فوق مستوي سطح البحر، وفي مواجهة هذا التل تل آخر أسود اللون به بقايا (اللافا) والحمم البركانية التي تكونت من ملايين السنين.
بعد هذه الوقفة ينطلق السياح إلي الوجهة التالية الكانيون الملون ذلك الأخدود البديع الذي يقطعه السائحون في زمن مدته 45 – 60 دقيقة في مغامرة صحراوية لا تُنسي، يصل طول هذا الكانيون نحو 350 متر وهو مقسّم إلي ثلاثة أجزاء جرى العرف علي تسميتها كالتالي
الجزء الأول يُعرف بالكانيون الضيّق حوالي 150 متر والثاني هو الكانيون المرجاني (50 متر) والثالث يُطلق عليه الكانيون الكراميللي ( 100 متر) وجميعها أرقام تقديرية.
عند مدخل الكانيون الأول يقف السائحون في طابور طويل الواحد تلو الآخر حيث لا يسمح اتساع هذا الجزء الأمامي من الكانيون إلا بمرور شخص واحد فقط وفي وضع جانبي نظرًا لأنّ سعة المكان في هذا الجزاء تتراوح من 10 – 25 سم (بالكاد موضع الأقدام) و 30 – 50 سم عند منطقة الصدر، أمّا حائطا الكانيون فيتراوح ارتفاعهما من متر ونصف عند المدخل إلي 6 أمتار في المنتصف وهذا الجزء من الحجر الرملي ورديّ اللون ويمتاز بكثرة حفره ومغاراته في كلا الجانبين مما يعطي الفرصة للاستراحة والتقاط الأنفاس.
هذا الجزء يعد بداية الجزء الثاني الكانيون المرجاني
وهو عبارة عن أخدود به بقايا شعاب مرجانية تكتسي باللون الأسود ويمكن رؤيتها علي جانبي الكانيون، وهذه الشعاب دليل كبير علي أنّ شبه جزيرة سيناء كانت في زمن جيولوجي قديم تغمرها مياه البحر إلى أن انحسرت المياه عن شبه الجزيرة منذ ملايين السنين فترسبت الرمال والصخور فوق هذه الشعاب المرجانية إلي يومنا هذا.
وبعد انفراج الجزء المرجاني من الكانيون قليلًا ليبدأ
الجزء الثالث الكانيون الكارميللي
وهى التسمية الدعائية التي أطلقها منظمو الرحلات السياحية لهذا الكانيون وهى شركة فالكون سفارى المختصة برحلات هذا الكانيون الملون وفي هذا الجزء يغلب علي شكل حوائط الكانيون اللون الكارميللي وهنا تلعب الفانتازيا دور كبير في إضفاء لمسة من المتعة والإعجاب بالمكان الذي تكثر به الأشكال والرسومات الطبيعية المتنوعة كالوجوه البشرية والحيوانات والطيور وغيرها من المناظر، فالطبيعة هنا تبدو وكأنها نحّات أو فنان تشكيلي بارع يرسم بريشته أو ينحت بيديه أجمل اللوحات التي تتباين في الرؤي من سائح لآخر، كل حسب خياله وأفقه، ويعتمد هذا الجزء من الكانيون تحديدًا علي امتلاك السائح لحاسّة فنية، لأنّ هذه الأشكال قد تتغير ملامحها بعض الشئ بسب تعرض المكان لعوامل التعرية من أمطار وسيول تنحر الصخور وتجرف الأرض، أو رياح وأتربة تخفي معالم هذه المناظر.
بعد الخروج من الكانيون حيث ينفرج الوادى قليلًا ليبلغ عرضه من 3 – 5 أمتار في مسافة طولها حوالي 130 متر يصل بعدها السائحون إلي شجرة سيّال يستريحون تحتها، وفي هذه الأثناء يقوم أحد أبناء قبيلة اللحيوات – التي تُشرف علي تنظيم الرحلة – بإعداد الشاي المُضاف إليه عشبة الحبق الشهيرة التي تضفي علي المشروب الساخن نكهة مميزة تظهر آثارها علي وجوه السائحين الذين يرددون في نفس واحد هل من مزيد؟.
وبعد استجماع قواهم يبدأ السائحون في الصعود إلي قمة الجبل حيث تنتظرهم (مغارة العشّاق) وهي عبارة عن ممر ضيق – أشبه بالنفق – طوله قرابة 20 متر وعرضه من 20 – 80 سم وارتفاعه من 50 – 100 سم، وبالرغم من حرارة الجو في هذا الوقت من اليوم إلا أنّ النفق يبدو وكأنه مكيف هواء طبيعي حيث يجري به تيار هواء ونسيم يضفي علي المكان جو من الشاعرية والرومانسية تؤكدها الشموع التي تضيئ المغارة المظلمة في وضح النهار، بعد ذلك يعود السائحون إلي السيارات وهم يُودعون المكان علي أمل اللقاء من جديد.