ويبقى الخيار الدائم للجمهور
بقلم : د.زكي السيد
على الرغم من النسمات الإبداعيه التى ألقت بظلالها على الدراما الرمضانيه إستثناء هذا العام فى رائعة باهر دويدار " الاختيار " ،كونها تأصيلا لبطولات وملاحم بذرت اطرها دماء شهداء الجيش المصرى العظيم العطره و التى روت أرض العزة سيناء الحبيبه حفاظا على الدم والعرض الذى استباحته خفافيش الظلام دعاة الإرهاب الأسود.
لكن تأبى الدراما الرمضانية المصريه ، إلا أن تسير على ذات النسق المعهود عنها دائما فى السنوات الاخيره " لا شكل ..لا هويه ..لا مضمون ".
وعلى الرغم من الكلفه الإنتاجية الضخمه والتى بذرتها شركات الإنتاج الدراميه لإنقاذ الموسم الرمضاني من التداعيات السلبية التى ألقت بظلاها جائحه كورونا المستجد ، فراحت تغدق ملايين الجنيهات على الأعمال التلفزيونيه ، الا أن الدراما المصريه الرمضانيه لازالت تعانى عثرة المخاض ، تلك العثره التى زانت الإطار الدرامى بصفة عامه.
بيد انه، لم يفطن صناع الدراما الحاليه ، أن الدراما الحقيقيه ليست مجرد كلمات تنثر أو شخصية كاريكاتيريه تؤدى، تناسوا تماما أن الدراما الحقيقيه نسيجا من الإبداع تغزل خيوطه أطر الفكر ورونق وسحر الأداء ، تلك الآليات التى تكمن بداياتها فى قصة راقيه يسوس أفكارها كاتبا متميزا لديه من الملكه والاليه مايؤهله بالسير وراء نسق الحدث الدرامى للوصول بالمؤلف صوب الهدف المنشود ، تلك الاليه التى افتقدتها الدراما المصريه حقا برحيل عمالقة الكتابه " اسامه أنور عكاشه ومحمد صفاء عامر " ،والذين أثروا القصص الدرامي بالعديد من الدرر والروائع التى لاتزال تزين عرش الدراما ، ليس معنى ذلك قطعا اندثار الكفاءات فى هذا الشأن فهناك العديد من ذوى الههم الإبداعية لادب القصص الدرامى ، لعل أبرزهم " سليمان دياب ، باهر دويدار ، ..." وغيرهم من المواهب التى تمتلئ بها مصر و التى تحتاج فقط إلى فرصا حقيقيه للتعبير عن أنفسهم فى تقديم محتوا هادفا راقيا لاتشوبه الابتذالات الصارخه التى تشهدها دراما هذا العصر.
واذا كانت بداية المحتوى الدرامى مؤلفا فاشلا تشوبه رايات النقد ، فلابد أن يحوى فى طياته شخصيات كاريكاتيريه أدائيه تستطيع أن ترصد بتفاهتها ذات المحتوى ، لأن النجوميه الحقيقيه لا تتأتى جزافا ، وإنما يرسيها فكرا ادائيا راقيا ، يضرب بجذوره الإبداعية لخلق لوحة درامية راقية تتعايش معها الأجيال وتخلد فى ذاكرتها.
ولعل فى الغياب التام لكبار نجوم وأساطير العصر الذهبى للدراما أمثال " أحمد عبد العزيز ، يحى الفخراني ، محمد صبحى ، طارق دسوقي ، جمال عبد الناصر ، احمد ماهر ، فتوح احمد ، نرمين الفقى ، ندى بسيونى ، مجدى صبحى ، محمد رياض .. " وغيرهم ، ما يؤكد صدق سطورى أن الساحة الفنية الآن لم تعد تلائم الإبداع الذى غلف تاريخهم المشرف خاصة بعدما توغل فيها شراذم المنظومه ومن على شاكلاتهم ، فلابد من وقفة جاده لتنظيف رقعة الدنس التى غلفت هذا الثوب الراقى ، وضرورة عودة الدراما المصريه إلى صناعها و نجومها الحقيقيون الذين سطروا أرقى الدرر والكلاسيكيات التى زانت عرش الدراما العربيه .
يستوقفنى هنا مقولة روجها البعض أن صناعة الدراما باتت سلعة ، وأن الخيار دائما فيها لذوق الجمهور ...قد يكون الأمر فى مرحلة ما قبل الانفتاح المعلوماتي جد مرفوض ، لأن صناعة الدراما آنذاك كانت تعتمد على جودة ونقاء ما يقدم للجمهور ، فكان الذوق العام يتسم بالرقى والسمو ولم يكن هناك مجالا لهذا الخيار ، أما الآن وفى ظل ما تشهده الساحه الدراميه من اسفافا وابتذالا مفتعلا فى أجواء تسوسها الشبكة المعلوماتية " الانترنت" ، لم يعد هناك مجالا لمنع ومحاربة هذا الابتذال الصارخ، إلا بخلق تيارا مضادا تقوده القوى الناعمه الحقيقه ، التى تجزل للدراما الراقيه والفن الأصيل قدره من السمو والرفعه ، حينئذ فقط نستطيع أن نترك الخيار على اشده للجمهور لانتقاء مايوائمه ، وان كنت موقنا أن المشاهد المصرى بطبعه يخلب لبه ترنيمات الذوق الرفيع.
من هنا اتمنى من الساده القائمين على صناعة الدراما واخص بالذكر الشركه المتحده للإعلام " سينرجى" فى ظل قيادة محترمه لربانها الماهر ا. تامر مرسي ،والذى نلمس فيه بادرة الامل لعودة الريادة والرقى للدراما المصريه، أن تهب لنجدة الدراما المصريه من حالة الابتذال والاسفاف الصارخ الذى تشهده ، والذى لن تتأتى فرائضه حقا دونما عودة كبار نجوم وأساطير الدراماوصناعها الحقيقيون إلى ساحتهم المفضله، وعودة شراذم الساحه إلى اوكارهم الحقيقيه.
...وليبقى الخيار دائمًا للجمهور.
