هذيان الحروف... بيروت... كوفيد.....!
علاء سحلول المصريين بالخارجكتب : د.أحمد سماحه
أي حروف تلك التي تملك القدرة على أن تصف بعض نزف مواطن أو مواطنه لبنانيه طالها هذا التفجير الآثم أو نزف جريح لايجد من يضمده، أو تترجم معاناة طفلة مع الجوع تحت الحصار أو دمعة أم فقدت زوجها أو طفلها بمقصلة (كوفيد) أو بالمتفجرات القاتله أو كرامة إنسان عصفت بها قسوة البرابرة أو صوت آذان في فلسطين أو سوريا أو العراق أو ليبيا لم ينطلق لأن المدافع مصوبة إلى عنق المئذنة من قبل الفيروس ومن قبل الغزاة ، أو حشرجة جرس كنيسة تلون بدم قارعة أو أنين عظام مقاتل تتكسر تحت جنازير الدبابات، أو صمت قهر أجبر على أن يظل مكبوتًا في قلب مواطن لبناني أو فلسطيني أو غيرهما.
أي حروف تلك التي تستطيع أن تترجم نظرات الحقد والعنف والكراهية التي تشعها تلك الأعين، أو تلك البسمات اللا إنسانية التي تتوزع على شفاه مصاصي الدماء الجدد في تركيا والعراق وسوريا ولبنان وغيرهم.
دم أحمر يهمي بلا توقف تشربه العيون وتغتسل به وجوه البرابرة.هنا ملحمة الموت.. وهنا بداية الصعود إلى جمجمة الرمادي المزروع في القلوب منذ زمن.
هنا الحروف تتراكم لا لتصنع نصًا ولكن لتكتب مصيرًا لا يجد تعبيره الا في الصمود.لم يعد سادة الكلمات في حاجة إلى الكلمات الكبيرة أمام بلاغة الدم.
لم يعد في وسع أحد أن يحدثنا عن عدالة التاريخ وإنسانيته في ظل حرمان الإنسان من شروط الإنسانية، من الحق في أن يصرخ ويئن.
أي حروف تلك التي تستطيع أن توقف طوفان الحرب على الأجساد والأحلام، على البشر، على البيوت والشجر.. على أماكن العبادة ..؟
أي حروف تلك التي لا تدين القاتل وتدين القتيل لأنه لم يقل لقاتله مرحبًا قبل قتله، لأنه قاومه دفاعًا عن روحه وكرامته وأرضه.
مدججون بالسلاح في مواجهة مدججون بالأمل معادلة الحروف تسقط ومعادلة السلام تسقط ومعادلة الحياة تبقى حلمًا قد لا يتحقق ولكنه لا يموت.
أي حروف تلك التي ستجرؤ على أن تعبر عن رسوبنا المتكرر في اختبار الإرادة.. في اختبار الصمود.. في اختبار أن نكون غابة من الحروف لا تصنع أملًا واحدًا يحول دون رصاصة وجسد يطمح في الحياة آمنا من سيف مسلط يحمل شعارًا لايتزحزح: إما أنا وإما أنت..
تبعثرت الحروف.. تهذي واهذي..ماذا أكتب؟.. وكيف؟.. ولماذا؟.. ولمن؟.. ولكنه الأمل فنحن كما قال محمود درويش مصابون بداء لاشفاء منه هو: الأمل... الأمل في التحرر والاستقلال، الأمل في حياة لا نكون فيها أبطالًا ولاضحايا.. الأمل أن تلد المرأة إبنها حيا في البيت أوالمستشفى.. لا ميتا أمام حاجز أو تفجير.. الأمل في أن يرى شعراؤنا جمال اللون الأحمر في الوردة لا في الدم.. الأمل في أن لا نرفع أصواتنا وأيدينا جهة الغرب لنقول أنقذونا.. الأمل في أن لا نرى ما نراه الآن في الفضائيات من خزي ودمار وقهر وعنف وبشاعة تحيق بنا.. هل أهذي؟
ربما.. ومن لايهذي من العجز؟