×
12 شوال 1445
20 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

مذكرات مهاجر مجهول (14)

مذكرات مهاجر مجهول (14)
مذكرات مهاجر مجهول (14)

كتب/د.أشرف يعقوب

أنجلا فتاة مصرية من شبرا، من والدين ايطاليين، ولدت في القاهرة في اوئل الستينات. ابوها وامها هاجرا لمصر في اواخر الاربعينات و هما في سن المراهقة و ذلك لوجود اقارب لهما في مصر و لأن ايطاليا بعد الحرب كانت في حالة دمار شامل. 
عاشا في شبرا مع الاقارب و عملت الام (ماريا) كمساعدة خياطة ثم خياطة مستقلة، اما الاب (جيوزبّه او بيبّو) فكان يعمل كعازف كمان في الصالات و المسارح. و انجبوا ابنة واحدة هي أنجلا. 
قابلت أنجلا في المستشفى الايطالي في القاهرة سنة ١٩٨٦. كانت تأتي مع امها المريضة بالقلب و كان المرض قد تمكن منها حتى اجبرها على ترك العمل و هي في الخمسينات من عمرها. كانتا يعيشان في شقة صغيرة دور ارضي في شبرا. و كانت الام ماريا قد حصلت على معاش مساعدة من الدولة المصرية (معاش السادات)  قيمته ٤٨ جنيه شهريا ايامها. و كانت أنجلا تعمل في الأوبرا المصرية التي اهدتها لمصر الحكومة اليابانية. كانت تغني في الاوبرات و لكنها لم تكن ذات موهبة عالية تجعلها من البطلات. كانت كومبارس. 
كانتا يأتيان للمستشفى للكشف و اخذ العلاج على حساب الجمعية الايطالية الخيرية التي كانت تدير المستشفى الإيطالي و لهما كارينه مختوم بختم ازرق مكتوب عليه بالايطالي "اعمال خيرية" ، يعني يستحقون ان تقدم لهم الخدمات مجانا. 
حكت لي الام التي كانت تقدرني كثيرا ان زوجها هرب الى لبنان في اوائل السبعينات و تركها بدون اي سند  و يعيش في لبنان مع واحدة في الحرام. قالت انها و ابنتها لم يحصلا على اي مبلغ او مساعدة منه منذ تركهما. 
كانتا في فقر يكاد يكون مدقع و حالة مزرية تبعث على الحزن و الاكتئاب. ام و ابنتها وحيدتان في بلد لم يعد لهما فيه اقارب و يعيشان على الكفاف و المساعدات الخيرية. 
كان حالهما مؤسفا للغاية و كنت اعطف عليهما و اعاملهما معاملة حسنة و اهتميت بحالة الام المرضية حتى تحسنت و اهدتني صورة لمريم العذراء في ظهرها كتبت عبارات شكر كعلامة تقدير لي قائلة انها لا تستطيع ان تكافئني باكثر من هذا. 
كانت انجلا بيضاء البشرة متسقة القوام جميلة الوجه رقيقة الملامح و لها صوت عذب جميل هادئ ، و لا عجب فقد كانت مغنية اوبرا. عزمتني على الاوبرا عدة مرات و بعد العروض كنا نخرج للتمشية على النيل و اكل الترمس و كيزان الذرة المشوية.
كنت اعتبرها صديقة و كانت تساعدني في تعلم اللغة الايطالية. 
و فكرت في سوء حال هذة الفتاة و امها فتكلمت مع احدى العاملين معي في برنامج التعاون الايطالي الذي قال لي ارسلها الى فلان الفلاني، بعد ان كلم هذا الشخص في التليفون ، الذي يعمل في القنصلية الايطالية، لعل القنصلية تدفع لهما معاشا شهريا اكبر او تساعدهما بطريقة او بأخري. فقلت لأنجلا هذا فترددت في الاول و قالت انها حاولت ذلك مسبقا و لم يعبرها أحد في القنصلية. و المشكلة ان امها لم يكن معها اوراق تثبت انها ايطالية و انجلا كانت تحمل الجنسية المصرية فقط. و لكنها في النهاية قبلت الذهاب لمقابلة هذا الشخص في القنصلية و الذي كنت قد عالجته في العناية المركزة بعد ان ضربه شاب مصري ضربا مبرحا. و سنعود لقصة هذا الشخص فيما بعد.  و بعد حوالي اسبوعين او ثلاثة فوجئت بتليفون من أنجلا بعد الظهر و انا اعمل في المستشفى و كانت تكاد تقفز من داخل سماعة التليفون و هي تبكي من شدة الفرح و هي تخبرني انها حصلت، هي و امها، على الجنسية الايطالية ، و انها حصلت على عمل في القنصلية الايطالية بمرتب ثلاثة آلاف دولار في الشهر (نعم ثلاثة آلاف دولار في الشهر ، و ذلك من ثلاثين عاما) و ان امها حصلت على المعاش الاجتماعي الذي يدفع في ايطاليا. قالت انها اغمى عليها عندما تأكد الخبر و توثقت الاوراق و استلمت الباسبور الايطالي و مضت عقد العمل في القنصلية. اعتبروها ايطالية تعمل في الخارج و اعطوها مرتبا و كأنها جاءت من ايطاليا لتعمل في مصر و هي التي لم ترى ايطاليا في حياتها، بل و لم تخرج من مصر ابدا.
و فرحت لفرحها و هنأتها بشدة و انتهت المكالمة في رقة و لطف  و هي تشكرني بحرارة و تنهنه بالعياط، و لكني لم اسمعها و لم ارها بعد ذلك، لا هي و لا امها، حتى سافرت ايطاليا في بعثتي.  
 و رأيتها بعد ذلك بسنوات في ذلك اليوم الذي ذهبت فيه لانهاء اوراقي في القنصلية الايطالية. كما ذكرت من قبل رأيتها و هي تمشي في طرقة القنصلية عائدة لمكتبها. و قد ابتسمت لها و لكنها تجاهلتني و كأنها لم تقابلني او تعرفني في حياتها. دخلت مكتبها و و وضعت بعض الاوراق على المكتب و خرجت و ابتعدت في دهاليز القنصلية ، فحاولت ان اكلمها قبل ان تختفي و لكن صرامة وجها صدتني. و احترت ماذا افعل. و بعد تفكير عدت للسيدة المصرية التي ادخلتني و قلت لها ان أنجلا غير موجودة في مكتبها فأخذتني الي موظف ايطالي آخر كان لطيفا معنا و انهى الاوراق و قال لي عد مرة اخرى في الغد لاستلام الاوراق مختومة. و عدت في اليوم التالي و بينما كنت اصعد درجات السلم المؤدي لمكتب هذا الموظف  رأيت أنجلا و معها حزمة اوراق و قلم فوقفت امامي و بدون كلام رأيتها تمضي اوراقي علي احدى الطاولات في الطرقة و تسلمهم لي، فلم استطع ان اسكت و قلت لها بالمصري" ازيّ مامتك يا أنجلا؟". 
فقالت لي "كويسة " و درات على اعقابها و اسرعت مشيًا و اختفت في طرقات القنصلية و لم ارها بعد ذلك أبداً. 

و عانيت الأمرين في الشتاء الذي قضيته في كوربتا، بين البرد القارص و الضباب الكثيف و الثلوج المتراكمة. كنت اقضي على الأقل اربع ساعات في وسائل المواصلات كل يوم. و كنت امر على إستاد سان سيرو يوميا و كان من المشاهد العظيمة هو مشهد قوات الأمن المدججة بالسلاح و الخيول و هم يحرسون مبارايات سان سيرو بالشدة الثقيلة و كأنهم داخلون على معركة تلاحمية. و لم استغرب بعد ان شاهدت بعيني كم تكون كبيرة و صاخبة و مدمرة الاضطرابات و الأضرار التي تقوم بها جحافل مشجعي الكرة الغاضبة بعد المبارايات. كانوا يستعدون للمباراة من الصباح الباكر، في هذا البرد الشديد، و يبقون في الشوارع حول الإستاد حتى ساعات متأخرة من الليل لضمان الأمن و النظام قبل و اثناء و بعد المبارايات.
و كرة القدم شئ مقدس في إيطاليا و تقوم عليها و حولها صناعات كثيرة و تجارات رابحة و مراهنات و برامج إذاعية و تليفزيونية و صحف رياضية متخصصة. ملايين الملايين من اليورو تدور في هذا البزينس الكروي. 
و لكنها متعة.

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

السبت 02:43 صـ
12 شوال 1445 هـ 20 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:51
الشروق 05:23
الظهر 11:54
العصر 15:30
المغرب 18:25
العشاء 19:47