لبنان بين الخلاص والسقوط الأخير
علاء سحلول المصريين بالخارجبقلم : د.محمد حجازي
مر الشعب اللبناني على مدار ٤٥ عامًا بحروب مدمرة ، بعضها كان بفعل السياسيين اللبنانيين ، والبعض الآخر باعتداءات إسرائيلية .لبنان تقدم دروس سياسية للعرب علي مدار ٤٥ عامًا، ولم يفهم العرب الدرس إلى يومنا هذا .
دولة لبنان من أصغر دول العالم مساحة جغرافية لكن يوجد فيها أكثر عدد أحزاب سياسية من أية دوله أخری وكل هذه الأحزاب السياسية تنفذ أجندات مموليها من خارج لبنان ولايهمهم مصلحة الشعب اللبناني. وما حدث في انفجار مرفأ بيروت خير شاهد ولن تنصلح أحوال لبنان حتی يتخلص من هذه النخب السياسية الفاسدة.
قراءة في المشهد اللبناني :
انفجار مرفا بيروت منعطف حاد في المشهد اللبناني، سيؤدي هذا العمل أيا كان من يقف خلفه إلى خلط الأوراق وتغيير كثير من الخطط.
الأنظار كانت تتجه نحو لبنان بسبب تطورات أزمة الكهرباء الخانقة والتوترات الحدودية والانهيار الاقتصادي والنتائج المرتقبة لتحقيقات مقتل الراحل رفيق الحريري، الانفجار سيفاقم الأزمات ويزيد من حالة اليأس الداخلي والخارجي.
كان 14 فبراير 2005 يوماً مفصلياً في تاريخ لبنان الحديث بإغتيال الرئيس رفيق الحريري، يبدو أن 4 أغسطس لعام 2020 سيكون يوماً يليه نتائج وتبعات كبيرة بحجم الكارثة التي حلت بسبب انفجار بيروت.
إن مشكلة لبنان هي تحكم حزب الله الموالي لإيران في حياته ومستقبله السياسي لأنه يمتلك الثلث المعطل في البرلمان ولأنه يمتلك جيش مسلح ..بقية الساسة من دولة الرئيس الي دولة رئيس الوزراء ليس لهم سلطة تنفيذية حقيقية فقط يمتلكون سلطات شكلية ..لقد فقد لبنان حريته حينما استسلم للحزب المسلح والأقوى من الجيش اللبناني خوفًا من العودة إلي شبح الحرب الأهلية.
اللبنانيين مازال شبح الحرب الاهلية يطاردهم ويسبب لهم رعبًا كبيرًا، لذا فهم مستعدون لتحمل أي شي حتي لا تعود الحرب الاهلية ، غير أنهم بخضوعهم هذا اكتسبوا حزب الله قوة كبيره.
إن صحى الضمير اللبناني سريعًا واعترف أن كل هذه المأسي التي يعيشها الشعب اللبناني بسبب سياسات خاطئة ، فإن لبنان ستنجو وإلا فإن الأحداث ستتصاعد وتتطور إلى الأسوأ.
لبنان تستحق طبقة سياسية مختلفة عن جميع الموجودين حاليًا. فقد ثبت عدم جدوى إعادة تدوير الزعامات المهترئة.
ان النهج الذي اتبعه ساسة لبنان هو المحاصصة . والمحاصصة إشكالية عربية تتمثل بتكتييف نظام الحكم وإدارة الدولة علي مقاسات المجموعات الحزبية التي تمتلك القوة الأيديولوجية والعسكرية وقوة النفوذ السياسي بحسب ما تمتلك من قوة ( كل حسب مالديهم من قوة ).
ونحن نري إن المحصاصة أخطر منهج سياسي على وحدة المجتمع ومستقبل الدوله وهو مرض اجتماعي يصعب علاجه . وهاهي لبنان تدفع فاتورة المحاصصة .
إشكالية السياسة العربية :
مشكلة السياسيين العرب أنهم يتعاملون مع السياسة على أنها العمل على إقصاء ومحاربة كل من يختلف مع فكرهم وتوجههم و نهجهم ويعتبرونه خائن للوطن ويسلطون عليه جهلاءهم ومرتزقتهم .ولكن السياسة هي العمل على إزالة أي خلاف وتقريب وجهات النظر بما يحقق وحدة الشعب وترابطه.
عندما تمارس السياسة من أجل الإستحواذ على مفاصل الدولة والتحكم في قراراتها وإخضاع الشعب يحدث عدم استقرار سياسي وتناحر سياسي وتطغى المصلحة الشخصية على مصلحة الوطن والشعب .
إن الامر المسيطر علي قادة العرب حينما تقع كارثة إنسانية في دولة عربية أن يتسابقوا علي تقديم مساعدات إنسانية لحكومة هذه الدولة . غير أن لبنان حالة خاصة فالشعب اللبناني ليس بحاجة إلي مساعدات إنسانية بقدر حاجته إلى موقف عربي موحد يساعده علي التخلص من النخب السياسية الحاكمة الفاسدة والزعامات المهترئة.
لذا استغربنا جميعًا حينما وجدنا أول زيارة رسمية للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت للرئيس الفرنسي ماكرون والذي استقبله الشعب اللبناني استقبال الفاتح والمحرر للبنان والمنقذ الشعب اللبناني .تلك هي إشكالية الساسة العرب.
فرنسا..... ولبنان :
أمر محزن أن يستنجد اللبنانيين بالمستعمر لينقذهم من فساد السياسيين ، غضب له أسبابه ولكنه لايمكن أن يذهب بالعقل فاللجوء لإستدعاء الفرنسيين سيكرر السوء الذي يعيشه لبنان بأشكال أخرى على المدى البعيد ولاننسى أن فرنسا من عاش وأنطلق منها الخميني الذي تعيش بيروت المأساة بسبب عملاءه..
الملاحظ أن أموال المعونات والدعم الامريكية والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي التي ستبلغ ١١ مليار دولار ستكونً تحت إشراف وإدارة فرنسية تنفيذية.
استعادة الدور العربي الإستراتيجي :
يجب اأن يقف العرب مع لبنان في هذه الفترة العصيبة . لقد مر الشعب اللبناني بحروب مدمرة. بعضها كان بفعل السياسيين اللبنانيين. والبعض الآخر باعتداءات إسرائيلية. إن مسؤلية التفجير تقع على حكومة لبنان قبل غيرها لكن كل ذلك شي، ودعم شعب لبنان شيء آخر.والدعم الذي نقصده هنا الدعم السياسي في إطار مظلة عربية إلى جوار الدعم الانساني .
هذه المرة يجب أن يستوعب العرب الدرس . مرت ٤٥ عامًا على لبنان ولم يستوعب العرب الدرس .