قطار على ضفاف الحروف
علي الحوفي المصريين بالخارجبقلم : د خاطر الشافعي
ثمة قوى خفية تتكالب على رؤوس الحروف، تضغطها بقسوة؛ لتمنعها من معانقة السطور، وكأنه مكتوبٌ على المعنى دوام الأسْرِ في بطن حامله؛ فلا هو تفادى الاصطدام بالفكرة فأخرَجَها للنور، ولا هو دفَنَها فجعل مُستقرَّها القبور، وبين وريقات فتور الفكرة الشاحبة كما اللحظة، أَوْدع الرجل حروفَه المكسورة؛ آملاً في بزوغ المعنى ذات صباح!
ووسط صياح الأفكار انتظارًا لشمس نهارٍ يُدنيها من الوجود، تأرجح الرجل فسقطت من يمينه المحبرة، ومن يساره الأوراقُ، وبقي القلم متفرِّجًا خلف أذنه اليسرى، بينما كانت أذنه اليمني تعاني من طنين الفكرة!
"ما أقسى أن تغمرك المعاني، ولا تستطيع كتابة حرف!" جملةٌ تذكَّرها الرجل وهو يجاهد همَّ اللحظة، فأمسك بقلمه مع أول شعاع للصباح وألقاه في عين الشمس، ثم صاح متوسِّلاً:
أيتها الحروف الثكلى، اكتبيني!
تلفَّتَت بحِرْصٍ شديد، باحثةً عن مصدر الصوت الحزين، ثم صاحت مستغربةً:
كيف أكتبك وأنت مالك يميني واليسار؟!
كيف أكتبك وقد تأرجحتَ؛ فسقطتْ محبرتك، وضاعت أوراقك؟!
كيف أكتبك وقد أرهقتَني فِكرًا؟!
كيف أكتبك وقد أضنيتَني بحثًا؟!
كيف أكتبُك وأنا لم أستطعْ قراءتك؟!
كيف.......؟
قاطعها صائحًا:
لا تسألِي!
فأنا على ضفافكِ أسير!