في استراحة الجمعة "محسن طاحون يكتب عن" العلاقات بين الناس
علاء سحلول المصريين بالخارجنستهل حيديثنا بالآية الكريمة : ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ سورة الأنفال الآية: (1)، الأصل أن نجتهد في إصلاح العلاقة مع خالقنا، فإذا صلحت العلاقة مع الله صلحت مع الخلق .. ويأتي بعد ذلك إصلاح العلاقة مع من حولنا ، مع أهلنا ، مع أولادنا ، مع إخوتنا ، مع أخواتنا ، مع أقاربنا ، مع جيراننا ، مع أصدقائنا ، مع زملائنا ..ويكون ذلك بالكلمة الطيبة ، والاعتذار عند الخطأ ولتعلموا أن هذه ثقافة عالية ومن الفضائل ، والهدية عند ترميم العلاقات .. والبعد عن العناد.
ويشمل معنى الآية الكريم أيضًا جانب مهم ألا وهوالإصلاح بين أخوين ساءت العلاقة بينهما فالمؤمن يجمع ولا يفرق ، يقرب ولا يباعد ، هذه من صفات المؤمن .
ولنعلم جميعًا أن الدنيا محدودة ، مجرد رحلة قصيرة ، والدنيا تفرق ولا تجمع ، ، تستدعي السيطرة ، والعنجهية ، والكبر ، والاستعلاء ، والتفاخر ، وتستدعي القتال ، وسفك الدماء ولذا من المهم بأن لا ننسى منهج الله ونحظر من إفساد ذات البين ، فمن العجيب أن نرى عداوات في البيت الواحد وبين الأقارب وبين أهل القرية وبين أهل المدينة وبين الدول و بين الشعوب .. حياة قائمة على العِداء ، ونذكركم بقانون العداوة كما جاء في كتاب الله تعالى: ﴿ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ ( سورة المائدة الآية ) 14
ومن الأخطاء الشائعة في وقتنا الحاضر التقليل من شأن الغير ونزدري الناس ، أونقلل من شأنهم ، نزدري اختصاصهم ، نزدري علمهم وفي هذا قال رسولنا الكريم صلً الله عليه وسلم :( بِحَسْب إمرئ من الشَّرِّ أن يَحْقِر أخاه المسلمَ ، كلُّ المسلمِ على المسلم حَرَام : دمُهُ ، وعِرْضُهُ). ( لا يحلُّ لمسلم أن يُروِّعَ مُسلما) أخرجه أبو داود عن بعض الصحابة.
والسخرية تضعف العلاقة بين الناس وهي أحد أسباب العداوة والبغضاء ، والإنسان السوي لا يسخر أبداً من غيره ، ويحترم الآخر ، ولنعلم أن لكل واحد منا مقام عند الله ، قد يكون في مقاييس أهل الأرض في مستوى متدنٍ ، وقد يكون عند الله في مستوى راقٍ جداً ، وفي هذا جاء قوله تعالى : ﴿ لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ﴾ سورة الحجرات الآية : 11.
ومن الأخطاء الشائعة أيضًا هذه الأيام أن يقوم الإنسان بعمل يسبب له الحسد ، فأن تظهر ما عندك أوأن تفتخر بمالك أوببيتك ، أوبمركبتك أوأن تقول سافرت إلى المكان الفلاني ، أنفقت الآلاف المؤلفة ، الإنسان إذا تكلم عن إنفاقه ، وعن حجمه المالي ، وعن مكانته ، وعن استمتاعه بالحياة ، كأنه يقول للناس : احسدوني ،وها قال رسولنا الكريم صلً الله عليه وسلم : ( ولا تحاسَدُوا ) أخرجه البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي ومالك عن أبي هريرة. والحسد هنا يعني ألا تفعل شيئاً ينتهي بأن تُحسد ويكون سبباً لحدوث العداوة والبغضاء بينكم وبين الآخرين .
العلاقات هي امتداد للذات.. فمن أراد ان ييسعد في الحياة فليحافظ على علاقاته بتحويلها من علاقات ندية الى روابط ودية والفرق بينهما كبير.العلاقات الندية تقوم على التنافس والسيطرة وتنتج الغيرة وتمارس المحاسبة والتجسس ..وأما الودية فهي تقبل الاخر كما هوبعلاته لا تعدل به شيئًا.
وفي الختام نود أن نشير إلى أن العلاقات كائن حي ينم ويمزج ويموت فلنسعى لتكوين علاقات طيبة بيننا وبين المحيطين بنا فالعلاقات الطيبة هي أحد روافد الحياة السعيدة.
محسن طاحون