×
16 شوال 1445
24 أبريل 2024
المصريين بالخارج
رئيس مجلس الإدارة: فوزي بدوي

جوازية نقل الأعضاء البشريه من المنظور الشرعي والقانوني

جوازية نقل الأعضاء البشريه من المنظور الشرعي والقانوني
جوازية نقل الأعضاء البشريه من المنظور الشرعي والقانوني

بقلم : د.زكي السيد

خلق الله سبحانه وتعالى الكون وأودع فيه أسراره العظيمة والكثير من عجائب قدرته ،فقدرته على الخلق فاقت قدرات بنى البشر فى التدبر والتخيل .. 

ومن الثابت فى مجمل طبائع الأشياء ، أن تحمل الصنعه صفة الصانع ، لكن الله عز وجل تعالى أن تحكمه فهوم البشر وتصوراتهم ، لكنه سبحانه أخبر عن نفسه بانه القادر الحكيم الخبير، فجاء خلقه يحمل سره وأمره ..

أبدع رب العزة سبحانه فى خلق كل شيء ، لقد خلق الإنسان في أروع صورة وأعظم تقويم وأعطاه العقل والفكر ليحلل ويتدبر في عظيم صنع الله. 

ولعل رحلة الأسفار الطويله التي رسخت لها بذور العلم لاستكشاف بعض قوانين هذا الكون ، إنما جاءت دليلا قاطعا لصدق ما ورد بالقرآن الكريم ،وما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم منذ العديد من القرون... يقول تعالى في محكم آياته : "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا " صدق الله العظيم. 

- ويقول جل شأنه :" ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت..." صدق الله العظيم، إن ما تبرزه الآيات الكريمه من دلالات ومعاني، تؤكد يقينا حقيقه لاجدال فيها أن الإنسان بجنسه مخلوقًا مكرمًا ومفضلًا على سائر الخلق في الأرض ،فقد استخلفه رب العزه سبحانه وجعله محفوفًا بالرعايه، فقضى سبحانه أن يكون خليفته القيمة الماديه الأعلى الأرض منذ بدء الخليقه...

إن عجائب قدرة الله في خلقه ،قد فاقت كل الحدود إجلالًا وتقديرًا لربوبيته،تلك التي تختلف في قدراتها ومزاياها بالطبع باختلاف الأزمنة والعصور ..ولعل الشاهد الأبرز لهذا العصر هو كثرة الاكتشافات العلميه والتطور التكنولوجي في شتى الميادين المختلفه ، بما فيها ميدان التداوي والعلاج. 

وحقًا يذكر ، لقد كانت النقله النوعيه الأبرز خلال القرن العشرين، ما شهدته مجالات نقل وزراعة الأعضاء البشريه من تطور هام ،حيث استطاع العلماء والجراحين استبدال أعضاء بشريه تالفه لا تؤدي وظائفها المطلوبه بأخرى سليمه منقوله من أشخاص أصحاء ، مما يسهم جليًا فى إنقاذ بعض الأرواح البشريه التى عانت نتيجة وجود خلل أو أكثر فى أى من أعضاء الجسم البشرى..

ولعل ما يحاكيه العلم دائمًا من تقدم بالغ في مثل هذه النوعيه من العمليات الجراحية إلا أن البحوث والمؤتمرات والندوات الخاصه بهذه التداعيات لازالت مستمره قيد الانعقاد حيال البحث فى زراعة أعضاء الجسم البشري ومحاطه بسياج من الجدل المستمربين فقهاء الشريعه الإسلاميه والقانون الوضعي ..ما بين مؤيد ومعارض للتصرف، ولعل أصل المشكله يجد صداه في أن عملية نقل وزراعة الأعضاء البشرية تمس حقًا من الحقوق الأنيقه للغايه بشخص الإنسان وهو حقه فى الحياة وتكامله الجسدي ،والذي يعد اسمى أنواع الحقوق التي كفلها له رب العزه سبحانه ، والذي قد يستغله البعض من هواة شهوه الانتصار العلمي في تحقيق مآرب خاصة بهم تهدر الحق في الكرامة الإنسانية . لذا كان الرجوع دائمًا لأحكام الشريعه لاستقراء ما ورد بها ومضاهاته بالتطورالقائم في مجالات العلوم الطبية ضروره قائمه لابد منها. 

من هذا المنطلق سوف نسلط الضوء جليًا من خلال تلك السطور… للمنظور الشرعى لفكرة نقل الأعضاء البشريه مع بيان الموقف التشريعي لذات الإشكالية ...

أولًا : جوازية نقل الأعضاء البشريه من المنظور الشرعى :

- فى البدايه وقبل الخوض في غمار البحث حول جوازية نقل العضو البشري من جسد لآخر ، لابد أن نعرض جليًا لمفهوم العضو البشرى فى القوانين التى تحكم عمليات زراعة الأعضاء ، وهو مايستدعي بالضرورة تقديم تعريف شامل وجامع ومانع يكون أكثر تحديدًا من تلك التعريفات التى أفردت لها المناحي اللغويه والمصطلحات الطبيه ..لذا يمكن تعريفه بأنه {كل جزء من جسم الإنسان الحى أو جثته يبعد بحسب الأصل العام عن فكرة السيوله ويكون قابلًا للنقل }. 

بيد أن ، مثل هذا التعريف يعتبر الأكثر تحديدًا لمفهوم العضو البشرى عن غيره من التعريفات التى أفردت لهذا المفهوم ، لأنه يستبعد" الدم" من مفهوم النقل باعتباره سائلًا متجددًا...

١- أدلة القائلين بعدم جوازية نقل الأعضاء البشريه :

- يأتي في مقدمة هؤلاء الشيخ "محمد بن عثيمين" والذي أفرد لذلك فى مجموعة فتاواه ، وكذا امام الدعاه الشيخ "محمد متولى الشعراوى " والذى عبر عن ذلك صراحة فى حوار أفردت له جريدة السياسه الكويتيه عام ١٩٨٩ م ، وفيما يلي نرصد أسانيد الرفض: إن الله عز وجل خلق الإنسان في أحسن تقويم، وفضله على كثير من خلقه قال تعالى "ولقد كرمنا بني آدم ".. وقد جعل الإسلام كسرعظام الإنسان ميتا ككسره حيًا ..وفي نقل الأعضاء منه وزراعتها في غيره تغيير لصفه الخلق وانتهاكًا للحرمات ...وبين الله سبحانه وتعالى أن تغيير خلق الله من وسوسة الشيطان ..قال تعالى" ولآمرنهم فليغيرن خلق الله"...

ويمكن الرد على ذلك :

 إن التسليم بأن هذا الأمر من قبيل تغيير خلق الله هو أمر ينافي صحيح الواقع ، وأنه لوافترض صحة التغيير فهو مما لا يدخل فى نطاق النهي ، لأن المقصود بفرائض النهى هنا فى القرآن هو فعل أهل الجاهليه بأنعامهم، أما عمليات النقل وزراعة الأعضاء فيها مصلحه كبرى بحفظ النفوس والأبدان وليست من المنهي عنه ...أما بخصوص حجة كسر عظام الميت فأستاذنا الدكتورعبد السلام العبودى يرى أنه أمر غير جائز إذ لم تدعو الحاجه لذلك ، وأن المقصود هنا ليس الإهانة وإنما يتجه القصد لإنقاذ حياة نفس بشريه أو سلامة عضو، وهوما يحمل فى طياته معنى التكريم للإنسان لا الإهانه...

إن نقل العضو البشري يعني اقتطاعه والذي يعد هنا بمثابة التمثيل به ، وهو من الأمور المحرمه شرعًا حتى لو كان ذلك على سبيل التبرع ..

ويمكن الرد على ذلك :إن الامور دائمًا تقاس بمقاصدها، وإن مفهوم الاقتطاع الذي يعد أحد أوجه التمثيل المحرم، هو ذلك الصادر عن " غل" يعتري النفس أو "حقد " يزين أطرها ، ودائمًا ما يكون الغرض منه " التشفى والانتقام "...مثال ـ فكرة التمثيل بالجثامين فى الحروب ..أما نقل العضو لإنقاذ إنسان من الهلاك لا يعد تمثيلًا وإنما يعد نوعًا من " الإيثار والتعاون على البر قال تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان."

يرى الشيخ" محمد بن عثيمين" {إن بدن الانسان ليس ملكًا له وإنما ملكًا لخالقه ، وأن الإنسان ما هو إلا أمين ووصي عليه وليس له حق التصرف فيما لا يملك } ..

ويمكن الرد على ذلك : إن المتأمل للآيه الكريمه" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنه "..يجد إشارة صريحه أن للإنسان ملكًا وتصرفًا في بدنه .. وفى هذا الصدد يشير الدكتور" أبوبكر أبوزيد" في كتابه " التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنسانى " أن { للإنسان حرية التصرف في بدنه ، إذا لم يؤثر تصرفه بالضرر في الغايه التي خلق لأجلها وهي عبادة المولى عز وجل }.

٢- أدلة القائلين بجوازية نقل الأعضاء :

 استندوا في ذلك لقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" التي تتوافق مع ما أفرد له الشارع، وهي في ذلك تأصيلا لفكرة "البر" التي أفرد لها المولى عز وجل في كتابه الكريم قال تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى ". واستندوا فى ذلك أيضًا لقوله تعالى "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه". استند انصار هذا الجانب أيضًا الى قوله تعالى" يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفًا"حيث تشير الآيه الكريمة إلى قصد الشارع التيسير على العباد وهو رحمة للمصابين والمنكوبين وتخفيفًا لآلامهم.

 كما استند أيضًا أنصار الإباحه إلى القواعد الفقهية التي ترسى أنه {إذا تعارضت مفسدتان تم مراعاة أعظمهم ضررًا بارتكاب أخفهما}.

ثانيًا : المنظور القانوني لفكرة نقل الأعضاء البشريه:

- الأصل " أن جسد الإنسان يتمتع بحرمه مطلقه لا يجوز الاعتداء عليه مطلقا ،سواء في مواجهة الغير أو في مواجهة الفرد نفسه أو في مرحله ما بعد الوفاة وهو ما يطلق عليه مبدأ معصومية الجسد "..

- الحكمه في ذلك يرسيها تكريمًا سماويًا للإنسان والذى لا يقدر جسده بأى مال إعمالًا لقوله تعالى" ولقد كرمنا بني آدم "ولعل ما أرساه مبدأ المعصوميه من تقرير لفكرة الاعتداء على جسد الإنسان بأى صوره غير مشروعه يجد صدى الردع فى فكرة المسئولية القانونية المترتبه على ذلك سواء على الصعيد الجنائي أو المدني ..

 - ولما كان لكل قاعده استثناءاتها ، فإن فكرة المعصوميه من الناحية القانونيه ليست على إطلاقها ، فقد يكون المساس بالجسد فى بعض الحالات مشروًعا، إذا وجد له من المبررات القانونيه ما يبيح ذلك مثل حالات " استعمال حق الدفاع الشرعى أو إعمالًا لبعض النصوص التشريعية التى تبرر هذا المساس أو حال وجود مقتضيات تستدعى المصلحة العامه يلزم فيها المشرع الخضوع لبعض الفحوصات الطبيه أوالتطعيمات أوالعلاجات الوقائية "ولما كان المشرع القانوني قد خرج على الأصل العام لمبدأ معصومية الجسد ، حين أجاز وجود بعض الحالات التي يجوز فيها الخروج على الأصل العام إذا توافرت لها من المبررات ما يجيز صحتها ،الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات.. لعل أهمها:

مدى مشروعية التصرف في جسم الإنسان (فكرة التصرف فى عضو من الأعضاء )حيث تم وضع ضوابط لذلك فى إطار فرضين:

ـالفرض الأول :{ حالة التصرف في جزء حيوي من الجسم} والجزء الحيوي هو ذلك الذي يلزم لبقاء شخص على قيد الحياه أو من أجل الاستمرار لقيام الجسم بوظائفه الحيويه على المدى الزمني الطويل كالقلب أو الكبد. وهنا انتهى المشرع إلى فكره البطلان المطلق استنادًا لقاعدة معصومية الجسد.. ولم يولى المشرع فكره الرضاء أى اهتمام فى هذا الشأن ..

ـ الفرض الثاني :{ حالة التصرف في جزء من الجسد بما لا يمثل أي خطوره على حياة الشخص} والمشرع هنا عمد إلى إجازه التصرف ولكن قيده بشرطان :

- عدم تعطيل وظائف الجسم" حيث لا يجوز التصرف في عضو يترتب على عدم وجوده أو الانتقاص منه وجود خلل أو تعطيل لأي وظيفه في الجسم بما يضر الشخص والمجتمع".مثال " إجازة المشرع التصرف في الشعر المقصوص وإجازه التصرف في منتجات الجسد المتجدده مثل ابرام عقود الرضاعه شريطة ألا يؤثر ذلك على ابن المرضعه ،وكذا فكره نقل الدم للعلاج بشرط ألا يترتب تاثير على صحة المتبرع".. 

-عدم مخالفة النظام أو الآداب العامة. 

 فالتصرف في جزء من جسد شخص غير جائز إذا كان مخالف الآداب والنظام العام ..

- بيد أنه ، إذا كانت تلك الضوابط السابقه تحكم فكرة التصرف في الجسد لعناصره المتجدده ، فإن قانونية التصرف فى الاعضاء الغير متجدده مثل " الكليه ، الرئه ، اليدين ..." تبقى مثار خلاف دائم بين اقرار الإباحة أو الحظر ..

إلا أنه من المؤكد أن اقرار المشروعية من عدمه في هذا الشأن يستدعى أولا التوفيق بين اعتبارين متعارضين " ضرورة احترام مبدأ معصومية الجسد ، ومراعاة اعتبارات التضامن الإنسانى والاجتماعي " ..

- من هنا كان القول بمشروعية التصرف فى تلك الأعضاء تحكمه الضوابط الآتيه :

ـ توافر الشراء الحر المستنير لدى المتصرف. 

ـ أن يكون التصرف دون مقابل مادي لأن جسد الإنسان ليس محلًا أصلًا لفكرة البيع... 

ـ فى كل الأحوال يجب ألا يسهم التصرف فى الإخلال بوظائف جسد المتصرف أو المتنازل بشكل سلبى. 

ـ يجب أن يسهم التصرف ذاته في تحقيق غايه علاجيه للمتصرف إليه. ويسهم أيضاً في أداء الجسم لوظائفه الضروريه ، فلا يجوز مطلقًا استقطاع كلية أحد الأشخاص لصالح شخص آخر ، إذا كان لدى المتصرف إليه ما يؤدي ذات الغرض العلاجي ...

استطلاع الرأي

أسعار العملات

العملةشراءبيع
دولار أمريكى​ 29.526429.6194
يورو​ 31.782231.8942
جنيه إسترلينى​ 35.833235.9610
فرنك سويسرى​ 31.633231.7363
100 ين يابانى​ 22.603122.6760
ريال سعودى​ 7.85977.8865
دينار كويتى​ 96.532596.9318
درهم اماراتى​ 8.03858.0645
اليوان الصينى​ 4.37344.3887

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,069 شراء 2,114
عيار 22 بيع 1,896 شراء 1,938
عيار 21 بيع 1,810 شراء 1,850
عيار 18 بيع 1,551 شراء 1,586
الاونصة بيع 64,333 شراء 65,754
الجنيه الذهب بيع 14,480 شراء 14,800
الكيلو بيع 2,068,571 شراء 2,114,286
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الأربعاء 04:51 مـ
16 شوال 1445 هـ 24 أبريل 2024 م
مصر
الفجر 03:45
الشروق 05:19
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:28
العشاء 19:50