الاختلاف.... والإساءة في الخلاف
علاء سحلول المصريين بالخارجكتب : م.أشرف الكرم
من الطبيعي وليس من الغريب، أن يختلف الناس ويدب بينهم أحيانًا خلاف، وتظل فكرة الاختلاف سُنّة كونية حتمًا ستستمر مادام في الناس حياة، وكثيرًا ما اختلفنا مع غيرنا بحكم اختلاف الفكر والطبائع والعقيدة والمنشأ والموروث الثقافي وغير ذلك كثير، ولا ضير في هذا الاختلاف، بل إن ذلك هو العامل الرئيسي في تطور الفكر والفهم والإبداع، مما يؤدي إلى التقدم والتنمية المجتمعية لجموع الناس في شتى بقاع الأرض.
وتتدخل عوامل كثيرة في ضبط بوصلة الاختلاف، حيث يجب أن نتمسك بأدوات ضبط النفس أثناء الاختلاف والامتناع عن الإساءة والتجريح وألا ننزلق إلى التعدي والإستفزاز، وألا نتجاوز بسخرية أو استهزاء أو فوقيّة واستعلاء، كما ينبغي أن لا نقع في إتهام الآخرين لمجرد اختلافهم عنا أو معنا دونما دليل مثبت بأحكام قضائية أو اتهامات نيابة.
وللأسف ولقلة الوعي بأخلاقيات الاختلاف، وبأنه حتمي وواقع يجب أن نقبله، كثيرًا ما ينتج عن الاختلاف بعض الخلاف، وأحيانًا تشتعل جذوة هذا الخلاف وتتأجج بفعل عدم انضباط الأطراف المتفاعلة، وانزلاقهم إلى صياغات استفزازية سلبية، مما يجعل الاختلاف خلافًا حتميًّا.
إلا أنه وبعد انتشار منصات التواصل الاجتماعي المتعددة، وبعد أن تملّك الجميع إمكانية الكتابة بكل سهولة، ونشر الكلمة على الملأ دونما ضوابط، أصبح الغالب على بعض الناس استخدام تلك المنصات بهدف إثبات أنهم الأقوى منطقًا والأعلى صوتًا والأشد فتكًا بالآخرين، مما يحدو بهم إلى الإساءات والتعدي واستخدام العبارات الجارحة والمتمادية في إظهار العورات والإتهامات دونما أحكام ثبوتية، فنرى على صفحات تلك المنصات، المدونات التي تهين الآخر وتسفك حقوق الغير، التي يجب علينا حفظها كمجتمع حضاري يجب أن يقف أفراده ضد أي امتهان لحقوق الفرد فيه.
وبكل تأكيد يجب أن نثمن الخطوات القانونية التي اتخذتها الدولة حيال المُتعدّين من هؤلاء الذين ينزلقون في الإساءات العلنية وذلك بسن القوانين التي تُجرم ذلك، وفتحت السبل لتقديم البلاغات ضدهم، إلا أن الدور المجتمعي أيضًا يجب أن يأخذ موقعه، وأن يقف لهؤلاء بالتعامل معهم عبر تلك الصفحات، وأن يعلن لهم في مدوناتهم بأن حقوق الأفراد بالمجتمع يجب أن تُصان، ونرفض منهم هذه الإساءات، ونعرفهم بأننا في مجموعنا نرفض تلك الممارسات و ندين فاعلها مجتمعيًا قبل إدانتها أخلاقيًّا وقانونيًّا.